وهذه القاعدة الكليّة العلمية الأصيلة مسلّمة عند جميع أهل الايمان ، بل عند كل إنسان.
وهي ترشدنا وتوجب يقيننا في جميع الآثار الالهيّة الكونيّة ، أن لها أسرار ومصالح وحكم واقعية ، حتى إن لم نعرفها ولم نتوصل اليها.
وما أكثر الأسرار التي لم يصل اليها البشر ، وبقيت مجهولة لديه على طول الدهر ، ثم عُرفت الحكمة فيها بمقدار توصل العقل البشري اليها.
ويدرك الانسان هذا الأمر وجداناً ، بتقدم العلوم والاكتشافات وجهود المراكز العلمية والمختبرات ، والمعالم الكونية التي تجعله يتصاغر امام عظمة الخلقة وعظيم القدرة. ثم يقرّ بأن ما يعرفه من الأسرار هو اللاشيء بالنسبة الى ما يجهله.
قال تعالى : (ولو أنَّ ما في الأرضِ من شجرةٍ أقلامٌ والبحرُ يَمُدّه من بعدهِ سبعةُ أبحُر ما نَفِدت كلماتُ اللّه إنّ اللّهَ عزيزٌ حكيم) (١).
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «سبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك ، وما أصغر عِظَمهُ في جنب قدرتك ، وما أهول ما نرى من ملوكتك ، وما أحقر ذلك فيما غاب عنّا من سلطانك» (٢).
اذا عرفت هذه المقدمة الأساسيّة ، قلنا :
إن من أهم تلك التدبيرات الالهيّة في العالم ، شؤون الإمام ، ومنها غيبة الامام المهدي عليهالسلام الذي هو قطب رحى عالم الامكان ، وخليفة اللّه الرحمن.
فلابدّ وأن تكون هي أيضاً جارية على وفق الحكمة المقتضية والمصلحة
__________________
(١) سورة لقمان : الآية ٢٧.
(٢) نهج البلاغة : الخطبة ١٠٥.