المُلزمة ، وإن لم نعرفها ، أو لم يمكن التوصل إليها ، أو لم تنكشف لنا.
كما يدلّنا على ذلك آخر حديث عبداللّه بن الفضل الهاشمي قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهالسلام يقول : «إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبة لابدَّ منها ، يرتاب فيها كلُّ مبطل.
فقلت له : ولم جعلت فداك؟
قال : لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم.
قلت : فما وجه الحكمة في غيبته؟
فقال : وجه الحكمة في غيبته ، وجه الحكمة في غيبات من تقدَّمه من حجج اللّه تعالى ذكره.
إنَّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره ، كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر عليهالسلام من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار ، لموسى عليهالسلام إلاّ وقت افتراقهما.
يا بن الفضل ، إنَّ هذا الأمر أمرٌ من أمر اللّه وسرٌّ من سرّ اللّه وغيب من غيب اللّه.
ومتى علمنا أنّه عزّ وجلّ حكيم ، صدّقنا بأنَّ أفعاله كلّها حكمة ، وإن كان وجهها غير منكشف لنا» (١).
علماً بأن هذه الغيبة لا تمنع عن ألطاف الامامة ، وسيأتي في هذا الباب أنه عليهالسلام كالشمس المجلّلة بالسحاب ، ينتفع بها وإن لم يُرَ شخصها.
وعلى الجملة ، فغيبة مولانا الامام المنتظر عليهالسلام حكمة بالغة وحقيقة حكيمة ، حتى إذا لم نعرف حكمتها.
__________________
(١) البحار : ج ٥٢ ص ٩١ ب ٢٠ ح ٤.