عليّ هذه الاشعار مرة واحدة.
علماً بأن ابن العرندس هو الشيخ الجليل صالح بن عبد الوهاب الحلي ، من أعلام الشيعة في القرن التاسع ، ومن مؤلفي علمائها في الفقه والأصول ، ومن مُجيدي شعرها المقبول ، الذي قال عنه العلامة الأميني اعلى اللّه مقامه :
«ومن شعر شيخنا الصالح رائيّة ، اشتهر بين الأصحاب أنّها لم تُقرأ في مجلس الّا وحضره الامام الحجة المنتظر عجل اللّه تعالى فرجه» (١).
قال الشيخ الكعبي رحمه اللّه تعالى : فتوجهت الى جانب الضريح الحسيني المبارك ومعي الشيخ مهدي ، وجلسنا في الصحن مقابل الضريح ، وشرعت بقراءة رائية ابن العرندس التي طال ما كنت اطلبها منذ زمن بعيد.
فاذا بسيد بهيئة السادة الأعراب الذي يسكنون خارج البلد ، وقف بجنبي ينصت للقراءة ويبكي ، فلما وصلت الى قوله :
ايُقتل ضمآناً حسينٌ بكربلا |
|
وفي كلّ عضوٍ من أنامِله بحرُ |
اشتدّ بكاؤه ، وقام يضرب بيده على رجله متوجهاً نحو ضريح جده الامام الحسين عليهالسلام ويكرّر البيت :
أيُقتل؟! أيُقتل؟!
وبعد ما انتهيت عن آخر القصيدة ، نظرتُ اطلب السيد فلم أجده بالرغم من إتساع ذلك الصحن الشريف وعدم ازدحامه آنذاك ، وخرجت خارج الصحن فلم أره ، وكلما حاولت رؤيته لم اظفر به وكأنه غاب عن ساعته ، وعلمت أنه الحجة المنتظر أرواحنا فداه.
ولهذه المزية الفائقة والمحل الرفيع ، احببنا بمناسبة مبحث التشرّف ايراد
__________________
(١) الغدير : ج ٧ ص ١٤.