وهذا أرقى مستوى العلم يكون في دولته الكريمة وقيادته الحكيمة ، ولا غرو في ذلك بعد تلك القابلية العقلية والكمال العقلي.
فيقذف ويُلقى نور العلم في قلوب المؤمنين ، كما تلاحظه في خطبة المخزون لأمير المؤمنين عليهالسلام التي جاء فيها :
«ويسير الصدِّيق الأكبر براية الهدى ، والسيف ذي الفقار ، والِمخصرة (١) حتّى ينزل أرض الهجرة مرَّتين وهي الكوفة.
فتستبشر الأرض بالعدل ، وتعطي السماء قطرها ، والشجر ثمرها ، والأرض نباتها وتتزيّن لأهلها ، وتأمن الوحوش حتّى ترتعي في طرق الأرض كأنعامهم ، ويُقذف في قلوب المؤمنين العلم فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من علم.
فيومئذ تأويل هذه الآية : (يُغنِ اللّه كلّاً من سعته) (٢)» (٣).
ولا عجب في هذا القذف العلمي من أهل البيت عليهمالسلام الذين هم مظاهر القدرة الالهيّة والكرامة الربّانيّة ، كما تلاحظ نظائره في موارده.
مثل القذف والالقاء ، في قضية زاذان ابو عمرو الفارسي في حديث سعد الخفاف ، عن زاذان أبي عمرو ، قلت له : يا زاذان ، إنّك لتقرأ القرآن فتحسن قراءته؛ فعلى من قرأت؟
قال : فتبسّم ثمّ قال : إنّ أمير المؤمنين مرَّ بي وأنا أنشد الشعر ، وكان لي خلق حسن. فأعجبه صوتي ، فقال : فقال :
__________________
(١) «المحضرة» ، شيء كالسوط ، وما يتوكأ عليه كالعصاء ، وما يأخذ الملك بيده يشير به اذا خاطب والخطيب إذا خطب.
(٢) سورة النساء : الآية ١٣٠.
(٣) البحار : ج ٥٣ ص ٨٦ ب ٢٩ ح ٨٦.