قال ابن مهزيار : لما سمعت منهم هذه المقالة فزعت وتضجرت وتفجرت واضطرب فؤادي.
فقال الامام : يابن مهزيار اذهب بحجة اللّه الى الخليفة.
فزاد اضطرابي وحيرتي ، لاني كنت متيقناً انه أراد قتله. فكنت اتعلل وانظر الى سيدي ومولاي العسكري عليهالسلام. فتبسّم في وجههي وقال : لا تخف ، اذهب بحجة اللّه الى الخليفة.
فأخذتني الهيبة ورجعت الى السرداب ، فرأيته يتلألأ نوره كالشمس المضيئة. فما كنت رأيته بذلك الحسن والجمال ، وكانت الشامة السوداء في خدّه الأيمن كوكب دري. فحملته على كتفي وكان عليه برقع.
فلما اخرجته من السرداب تنوّرت سامراء من تلك الطلعة الغراء وسطع النور من وجهه الى عنان السماء ، واجتمع الناس رجالاً ونساء في الطرق والشوارع ، وصعدوا على السطوح ، فانسد الطريق عليَّ فلم أقدر على المشي الى أن صار أعوان الخليفة يبعّدون الناس من حولي ، حتى ادخلوني دار الامارة فرُفع الحجاب ، فدخلنا مجلس الخليفة.
فلما نظر هو وجلساؤه الى طلعته الغراء والى ذلك الجمال والبهاء ، أخذتهم الهيبة منه ، فتغيرت الوانهم وطاش لبهم وحارت عقولهم وخرست ألسنتهم ، فصار الرجل منهم لا يتكلم ولا يقدر ان يتحرك من مكانه. فبقيت واقفاً والنور الساطع والضياء اللامع على كتفي.
فبعد برهة من الزمان قام الوزير وصار يشاور الخليفة. فأحسست انه يريد قتله ، فغلب عليَّ الخوف من أجل سيدي ومولاي. فاذا بالخليفة أشار الى السيافين ان اقتلوه ، فكل واحد منهم اراد سل سيفه من غمده ، فلم يقدر عليه ولم يخرج السيف من غمده.