ذكري واعبدني ولا تشرك بي شيئا إلي المصير يا موسى اجعلني ذخرك وضع عندي كنزك من الباقيات الصالحات.
______________________________________________________
الضراعة وأكثر ما يستعمل فيما يوجد في الجوارح والضراعة أكثر ما يستعمل فيما يوجده في القلب ، ولذلك قيل في ما روي : إذا ضرع القلب خشعت الجوارح.
« واطمأن عند ذكري » إشارة إلى قوله تعالى : « أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ » ومثله في الكتاب العزيز كثير ، قال الراغب : الطمأنينة والاطمئنان السكون بعد الانزعاج ، قال تعالى : ( وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ) (١)( وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) (٢) ( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي ) (٣) وهي أن لا تصير أمارة بالسوء ، وقال : « أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ » تنبيها على أن بمعرفة الله والإكثار من عبادته يكتسب اطمئنان النفس المسؤول بقوله : « وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي » وقوله تعالى : ( وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) (٤) وقال : ( وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها ) (٥).
وقال البيضاوي : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ ) (٦) أنا به واعتمادا عليه ورجاء منه ، أو بذكر رحمته بعد القلب من خشيته أو بذكر دلائله الدالة على وجوده ووحدانيته أو بكلامه يعني القرآن الذي هو أقوى المعجزات « أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ » تسكن إليه « ولا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً » في العبادة أو الأعم إلى المصير في الآخرة أو في الدارين « اجعلني ذخرك » أي ما تدخره ليوم فاقتك في الدنيا والآخرة ، قال في المصباح : ذخرته ذخرا من باب نفع والاسم الذخر بالضم إذا أعددته ليوم الحاجة إليه وادخرت على افتعلت مثله فهو مذخور وذخيرة أيضا.
« من الباقيات » إشارة إلى قوله تعالى : « الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا
__________________
(١) أنفال : ١٠.
(٢) البقرة : ٢٦٠.
(٣) الفجر : ٢٧.
(٤) النحل : ١٠٦.
(٥) يونس : ٧.
(٦) الرعد : ٢٨.