.................................................................................................
______________________________________________________
في النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذه السورة بالاستعاذة من سحرهن لا يدل على تأثير السحر فيه صلىاللهعليهوآلهوسلم كالدعاء في قوله ( رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا ) (١) وأما ما نقله من لغوتا من أن السحر أثر فيه صلىاللهعليهوآلهوسلم كما رواه البخاري ومسلم من أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم سحر حتى إنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله فهو من جملة الأكاذيب ولو صح ما نقلوه لصدق قول الكفار ( إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً ) (٢) وأما الاعتذار بأنهم أرادوا أن السحر أثر فيه جنونا فهو اعتذار واه إذ الأثر الذي نقلوه لا يقصر عنه « وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ » أي إذا أظهر حسده وعمل بمقتضاه فإنه لا يعود ضرره منه قبل ذلك إلى الحسود بل يخص به لاغتمامه بسروره وتخصيصه لأنه العمدة في إضرار الإنسان بل الحيوان وغيره.
« بِرَبِّ النَّاسِ » قال البيضاوي : لما كان الاستعاذة في السورة المتقدمة من المضار البدنية وهي نعم الإنسان وغيره والاستعاذة في هذه السورة من الإضرار التي تعرض النفوس البشرية وتخصها عم الإضافة ثم وخصصها بالناس هيهنا ، وكأنه قيل أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي يملك أمورهم ويستحق عبادتهم « مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ النَّاسِ » عطف بيان له فإن الرب قد لا يكون ملكا والملك قد لا يكون إلها ، وفي هذا النظم دلالة على أنه حقيق بالإعاذة قادر عليها غير ممنوع عنها وإشعار على مراتب الناظر في المعارف فإنه يعلم أولا بما يرى عليه من النعم الظاهرة والباطنة أن له ربا ، ثم يتغلغل في النظر حتى يتحقق أنه غني عن الكل فكان كل شيء له ومصارف أمره منه فهو الملك الحق ، ثم يستدل به على أنه المستحق للعبادة لا غير وتدرج في وجوه الاستعاذة تنزيلا لاختلاف الصفات منزلة اختلاف الذات إشعارا بعظم الآفة المستعاذ منها وتكرير الناس لما في الإظهار من مزيد البيان و
__________________
(١) البقرة : ٢٨٦.
(٢) الإسراء : ٤٧.