وأتوصل بها في الحياة إلى آخرتي من غير أن تترفني فيها فأطغى أو تقتر بها علي فأشقى ـ أوسع علي من حلال رزقك وأفض علي من سيب فضلك نعمة منك سابغة
______________________________________________________
والجمع المضاف يفيد العموم ، وذكر الجميع للمبالغة و « أتوصل بها في الحياة » أي في حياة الدنيا « إلى آخرتي » فهو طلب لما زاد عن حوائج الدنيا ليصرفه في وجوه البر تحصيلا لثواب الآخرة.
ثم نفى الزيادة المطغية وأشار إلى الحالة المتوسطة المطلوبة بقوله « من أن تترفني فيها » بصيغة الخطاب على بناء الأفعال ، وفي القاموس ترف كفرح تنعم ، وأترفته النعمة أطغته أو نعمته كترفته تتريفا ، وفلان أصر على البغي والمترف كمكرم المتروك يصنع ما يشاء ولا يمنع والمتنعم لا يمنع من تنعمه والجبار ، وتترف تنعم ، وقال طغى كرضى طغيا وطغيانا بالضم والكسر جاوز القدر وارتفع وغلا في الكفر وأسرف في المعاصي والظلم والإقتار والتقتير والتضييق في النفقة ، والشقاء بالقصر وقد يمد الشدة والعسر وفعله كرضى والشقاوة ضد السعادة فالمعنى فأتعب ويشتد على وأصير شقيا مرتكبا للحرام أو لا أصبر فأقول أو أظن ما يصير سببا لشقاوتي والأول أظهر.
ولما كانت المعيشة وهي ما يعاش به صادقة على الحرام أيضا احترز عنه بقوله « أوسع علي من حلال رزقك » تخصيصا لها بالفرد الحلال والمراد بالحلال هنا غير المعنى المتقدم وهو كل ما جوزته الشريعة قيل ولا دلالة فيه على أن الحرام من رزق الله لأن الظاهر أن الإضافة بيانية « وأفض علي من سيب فضلك » وفي بعض النسخ ـ وأفضل على ـ وفي القاموس فاض الماء يفيض فيضا وفيضانا كثر حتى سأل كالوادي والشيء كثر أفاض الماء على نفسه أفرغه والإناء ملأه حتى فاض ، وقال السيب العطاء والعرف ومصدر ساب جرى ومشى مسرعا ، وقال الراغب : كل عطية لا تلزم من يعطي يقال له فضل نحو قوله ( وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ ) وقوله ( ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ