اللهم من كادني فكده ومن أرادني فأرده وفل عني حد من نصب لي حده وأطف عني نار من شب لي وقوده واكفني مكر المكرة وافقأ عني عيون الكفرة واكفني
______________________________________________________
واستطال « من كادني فكده » الكيد المكر والخبث والخديعة والحلية ، والمراد بكيده تعالى الجزاء من باب المشاكلة « ومن أرادني » أي بالسوء « فأرده » بالدفع أو بإيصاله إليه والجزاء له على نحو ما مر ، والفل بالفتح الكسر والثلم وفعله كمد والحد الحدة والسورة وطرف السيف والسكين ومثله وحددت السكين رققت حده وأحددته جعلت له حدا ففي الكلام استعارة مكنية وتخييلية وكذا الفقرة الآتية « وأطف عني نار من شب لي وقوده » قال في المصباح طفأت النار تطفأ بالهمز من باب تعب طفوءا على فعول خمدت وأطفأتها وأطفأت الفتنة إذا سكنتها على الاستعارة وقال شبت تشب توقدت ويتعدى بالحركة فيقال شببتها أشبها من باب قتل إذا أذكيتها ، وقال وقدت النار وقدا من باب وعد ووقودا ، والوقود بالفتح الحطب وأوقدتها إيقادا ومنه على الاستعارة ( كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ ) (١) أي كلما دبروا مكيدة وخديعة أبطلها ، وتوقدت النار واتقدت والوقد بفتحتين النار نفسها انتهى. وضمير « وقوده » للموصول ولما عرفت أن شب يأتي لازما ومتعد فيمكن أن يقرأ وقوده بفتح الواو بالنصب وبالرفع فتدبر ، وأستعير النار للصفات الذميمة للعدو من الحقد والحسد والغضب وتدبير السوء « واكفني مكر المكرة » أي ادفع عني مكرهم وكن كافيا لي في ذلك ففيه إظهار للعجز وتفويض للأمر إليه ، وفي المصباح كفى الشيء يكفي كفاية فهو كاف إذا حصل به الاستغناء عن غيره ، ومنه ( كَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ ) أي أغناهم عن القتال ، وفي القاموس فقأ العين والبثرة ونحوها كمنع كسرها أو قلعها أو نجفها أي كفقاها فانفقأت وتفقأت انتهى وتعديته بعن لتضمين معنى الدفع ، وهو كناية عن صرف عيونهم عنه ، أو إذلالهم أو
__________________
(١) المائدة : ٦٤.