يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) (٢٥) أي ممّن يلحقهنّ النّظر كما جاء في حفظ الفروج ، فالنّظر سبب إيقاع الفعل من الزّنى وغيره ، ثم نظم تعالى ما فرض على السّمع والبصر والفرج في آية واحدة فقال : ( وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ ) (٢٦) يعني بالجلود هنا الفروج وقال تعالى : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) (٢٧) هذا ما فرض الله تعالى على العينين ، من تَأمّل الآيات ، والغضّ عن تأمل المنكرات ، وهو من الإِيمان .
وأمّا ما فرضه الله سبحانه على اليدين فالطّهور ، وهو قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) (٢٨) وفرض على اليدين الإِنفاق في سبيل الله تعالى فقال : ( أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ) (٢٩) وفرض الله تعالى على اليدين الجهاد ، لأنّه من عملهما وعلاجهما فقال : ( فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ ) (٣٠) وذلك كلّه من الإِيمان .
وأما ما فرضه الله تعالى على الرجلين ، فالسعي بهما فيما يرضيه ، واجتناب السعي فيما يسخطه ، وذلك قوله سبحانه : ( فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ) (٣١) وقوله سبحانه : ( وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ) (٣٢)
____________________________
(٢٥) النور ٢٤ : ٣١ .
(٢٦) فصلت ٤١ : ٢٢ .
(٢٧) الإِسراء ١٧ : ٣٦ .
(٢٨) المائدة ٥ : ٦ .
(٢٩) البقرة ٢ : ٢٦٧ .
(٣٠) محمد ٤٧ : ٤ .
(٣١) الجمعة ٦٢ : ٩ .
(٣٢) الإِسراء ١٧ : ٣٧ ، لقمان ٣١ : ١٨ .