وقوله : ( وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ) (٣٣) وفرض عليهما القيام في الصّلاة فقال : ( وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) (٣٤) ثم اخبر أنّ الرّجلين من الجوارح التي تشهد يوم القيامة حتى تنطق ، بقوله سبحانه : ( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (٣٥) وهذا ممّا فرضه الله تعالى على الرجلين وهو الإِيمان .
وأمّا ما افترضه الله سبحانه على الرّأس ، فهو أن يمسح من مقدّمه بالماء في وقت الطهور للصّلاة ، بقوله : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) (٣٦) وهو من الإِيمان وفرض على الوجه الغسل بالماء عند الطّهور ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) (٣٧) وفرض عليه السّجود ، وعلى اليدين والركبتين والرجلين الرّكوع وهو من الإِيمان ، وقال فيما فرض على هذه الجوارح من الطهور والصّلاة ، وسمّاه في كتابه إيماناً حين فرض عليه استقبال القبلة في الصّلاة ، وسمّاه إيماناً حين تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ، فقال المسلمون : يا رسول الله ذهبت صلاتنا إلى بيت المقدس وطهورنا ضياعاً ! فأنزل الله سبحانه : ( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٣٨) فسمّى الصّلاة والطهور إيماناً ، وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من لقي الله كامل الإِيمان كان من أهل الجنّة ، ومن كان مضيّعاً لشيء ممّا افترضه الله تعالى على هذه الجوارح ، وتعدّى ما أمر الله به ، وارتكب ما نهى عنه ، لقي الله تعالى ناقص الإِيمان ، وقال الله عزّ وجلّ : ( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ
____________________________
(٣٣) لقمان ٣١ : ١٩ .
(٣٤) البقرة ٢ : ٢٣٨ .
(٣٥) يس ٣٦ : ٦٥ .
(٣٦ ، ٣٧) المائدة ٥ : ٦ .
(٣٨) البقرة ٢ : ١٤٣ .