أحداً ، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً ، وأنّها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها ، مستبشرة بذلك فرحة مؤمّلة (١٩) محتملة ، لما فيه مكروهها وألمها وثقلها وغمّها ، حتّى دفعتها (٢٠) عنك يد القدرة ، وأخرجت إلى الأرض ، فرضيت أن تشبع وتجوع هي ، وتكسوك وتعرى ، وترويك وتظمأ ، وتظلّك وتضحى ، وتنعّمك ببؤسها ، وتلذّذك بالنّوم بأرقها ، وكان بطنها لك وعاء ، و (٢١) حجرها لك حواء ، وثديها لك سقاء ، ونفسها لك وقاء ، تباشر حرّ الدّنيا وبردها لك ودونك ، فتشكرها على قدر ذلك ، ولا تقدر عليه إلّا بعون الله وتوفيقه .
وأمّا حقّ أبيك ، فتعلم أنّه أصلك وأنّك فرعه ، وأنّك لولاه لم تكن ، فمهما رأيت في نفسك ممّا يعجبك ، فاعلم أنّ أباك أصل النّعمة عليك فيه ، واحمد الله واشكره على قدر ذلك [ ولا قوّة إلّا بالله ] (٢٢) .
وأمّا حقّ ولدك ، فتعلم أنّه منك ومضاف إليك في عاجل الدّنيا بخيره وشرّه ، وأنّك مسؤول عمّا وليته من حسن الأدب والدّلالة إلى ربّه والمعونة له على طاعته فيك وفي نفسه ، فمثاب على ذلك ومعاقب ، فاعمل في أمره عمل المتزين يحسن أثره عليه في عاجل الدّنيا ، المعذر إلى ربّه فيما بينك وبينه ، بحسن القيام عليه والآخذ له منه ، ولا قوّة إلّا بالله .
وأمّا حقّ أخيك ، فتعلم أنّه يدك الّتي تبسطها ، وظهرك الذي تلجأ إليه ، وعزّك الذي تعتمد عليه ، وقوّتك التي تصول بها ، ولا تتّخذه سلاحاً على معصية الله ، ولا عدة للظّلم بحقّ (٢٣) الله ، ولا تدع نصرته على
____________________________
(١٩) في الطبعة الحجرية : « مريلة » ، وفي المصدر « موبلة » ، والظاهر ما أثبتناه هو الصواب .
(٢٠) في الطبعة الحجرية : « فنيتها » ، وما أثبتناه من المصدر .
(٢١) في الطبعة الحجرية : « وفي » ، وما أثبتناه من المصدر .
(٢٢) أثبتناه من المصدر .
(٢٣) في المصدر : لخلق .