نفسه ، ومعونته على عدوّه ، والحول بينه وبين شياطينه ، وتأدية النّصيحة إليه ، والإِقبال عليه في الله ، فإن انقاد لربّه واحسن الإِجابة له ، وإلّا فليكن الله آثر عندك وأكرم عليك منه .
وأما حقّ المنعم عليك بالولاء ، فأن تعلم أنّه أنفق فيك ماله ، وأخرجك من ذلّ الرّق ووحشته إلى عزّ الحريّة وأُنسها ، وأطلقك من أسر المملكة وفكّ عنك حقّ العبوديّة ، وأوجدك (٢٤) رائحة العزّ ، وأخرجك من سجن القهر ، ودفع عنك العسر ، وبسط لك لسان الإِنصاف ، وأباحك الدّنيا كلّها ، فملّكك نفسك وحلّ أسرك ، وفرّغك لعبادة ربّك ، واحتمل بذلك التّقصير في ماله ، فتعلم أنّه أولى الخلق بك بعد أُولي رحمك ، في حياتك وموتك ، وأحقّ الخلق بنصرك ومعونتك ، ومكانفتك (٢٥) في ذات الله ، فلا تؤثر عليه نفسك ما احتاج إليك أحداً .
وأمّا حقّ مولاك الجارية عليه نعمتك ، فأن تعلم أنّ الله جعلك حامية عليه وواقية ، وناصراً ومعقلاً ، وجعله لك وسيلة وسبباً بينك وبينه ، فالبحريّ أن يحجبك عن النار ، فيكون في ذلك ثوابك منه في الآجل ، ويحكم لك بميراثه في العاجل ، إذا لم يكن له رحم ، مكافأة لما أنفقته من مالك عليه ، وقمت به من حقّه بعد انفاق مالك ، فإن لم تخفه خيف عليك أن لا يطيب لك ميراثه ، ولا قوّة إلّا بالله .
وأمّا حقّ ذي المعروف عليك ، فأن تشكره وتذكر معروفه ، وتنشر له المقالة الحسنة ، وتخلص له الدّعاء فيما بينك وبين الله سبحانه ، فإنّك إذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سراً وعلانية ، ثمّ إن أمكن مكافأته بالفعل كافأته ، وإلّا كنت مرصداً له موطّناً نفسك عليها .
وأمّا حقّ المؤذّن ، فأن تعلم أنّه مذكّرك بربّك ، وداعيك إلى حظّك ،
____________________________
(٢٤) في الطبعة الحجرية : وواجدك ، وما أثبتناه من المصدر .
(٢٥) يكنفه كنفاً : أي حفظه وأعانه والمكانفة : المعاونة . ( لسان العرب ج ٩ ص ٣٠٨ ) .