وأفضل أعوانك على قضاء الفريضة التي افترضها الله عليك ، فتشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك ، وإن كنت في بيتك متّهماً لذلك ، لم تكن لله في أمره متهما ، وعلمت أنّه نعمة من الله عليك لا شكّ فيها ، فأحسن صحبة نعمة الله بحمد الله عليها على كلّ حال ، ولا قوّة إلّا بالله .
وأمّا حقّ إمامك في صلاتك ، فأن تعلم أنّه قد تقلد السّفارة فيما بينك وبين الله ، والوفادة إلى ربّك ، وتكلّم عنك ولم تتكلّم عنه ، ودعا لك ولم تدع له ، وطلب فيك ولم تطلب فيه ، وكفاك هم المقام بين يدي الله ، والمساءلة له فيك ولم تكفه ذلك ، فإن كان في شيء من ذلك تقصير كان به دونك ، وإن كان آثماً لم تكن شريكه فيه ، ولم يكن لك عليه فضل ، فوقى نفسك بنفسه ، ووقى صلاتك بصلاته ، فتشكر له على ذلك ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله .
و [ أما ] (٢٦) حقّ الجليس ، فأن تلين له كنفك ، وتطيب له جانبك ، وتنصفه في مجاراة اللّفظ ، ولا تغرق [ في ] (٢٧) نزع اللّحظ إذا لحظت ، وتقصد في اللّفظ إلى إفهامه إذا لفظت ، وإن كنت الجليس إليه ، كنت في القيام عنه بالخيار ، وإن كان الجالس إليك ، كان بالخيار ، ولا تقوم إلّا بإذنه ، ولا قوّة إلّا بالله .
وأمّا حقّ الجار ، فحفظه غائباً ، وكرامته شاهداً ، ونصرته ومعونته في الحالين جميعاً ، لا تتبع له عورة ، ولا تبحث له عن سوءة (٢٨) لتعرفها ، فإن عرفتها منه من غير إرادة منك ولا تكلّف ، كنت لما علمت حصناً حصيناً وستراً ستيراً ، لو بحثت الأسنّة عنه ضميراً لم تصل (٢٩) إليه لانطوائه عليه ، لا تسمع عليه من حيث لا يعلم ، لا تسلّمه عند شديدة ، ولا تحسده عند
____________________________
(٢٦ ، ٢٧) أثبتناه من المصدر .
(٢٨) في الطبعة الحجرية : سوء ، وما أثبتناه من المصدر ، وهو الصواب .
(٢٩) في الطبعة الحجرية : تتصل ، وما أثبتناه من المصدر .