ظلم ، وإن كنت معسراً أرضيته بحسن القول ، وطلبت إليه طلباً جميلاً ، ورددته عن نفسك ردّاً لطيفاً ، ولم تجمع عليه ذهاب ماله وسوء معاملته ، فإنّ ذلك لؤم ، ولا قوّة إلّا بالله .
وأمّا حقّ الخليط ، فأن لا تغرّه ولا تغشّه ولا تكذبه ولا تغفله ولا تخدعه ، ولا تعمل في انتقاضه عمل العدوّ الذي لا يبقي على صاحبه ، وإن اطمأنّ إليك استقصيت له على نفسك ، وعلمت أن غبن المسترسل ربا [ ولا قوة إلّا بالله ] (٣٣) .
وأمّا حقّ الخصم المدّعي عليك ، فإن كان ما يدّعي عليك حقّاً ، لم تنفسخ في حجّته ، ولم تعمل في إبطال دعوته ، وكنت خصم نفسك له والحاكم عليها ، والشّاهد له بحقّه دون شهادة الشّهود ، فإن ذلك حقّ الله عليك ، وإن كان ما يدّعيه باطلاً ، رفقت به وردعته (٣٤) وناشدته بدينه ، وكسرت حدّته عنك بذكر الله ، وألقيت حشو الكلام ولغطه (٣٥) الذي لا يردّ عنك عادية عدوّك بل تبوء بإثمه ، وبه يشحذ عليك سيف عداوته ، لأنّ لفظة السّوء تبعث الشرّ ، والخير مقمعة للشرّ ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله .
وأمّا حقّ الخصم المدّعى عليه ، فإن كان ما تدّعيه حقّاً ، أجملت في مقاولته بمخرج الدّعوى ، فإنّ للدّعوى غلظة في سمع المدّعى عليه ، وقصدت قصد حجّتك بالرّفق ، وأمهل المهلة وأبين البيان والطف اللّطف ، ولم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل والقال ، فتذهب عنك حجّتك ، ولا يكون لك في ذلك درك ، ولا قوّة إلّا بالله .
وأمّا حقّ المستشير ، فإن حضرك له وجه رأي جهدت له في النّصيحة ، وأشرت إليه بما تعلم أنّك لو كنت مكانه عملت به ، وذلك ليكن منك في رحمة ولين ، فإنّ اللّين يؤنس الوحشة ، وإنّ الغلظ يوحش موضع الانس ، وإن لم
____________________________
(٣٣) أثبتناه من المصدر .
(٣٤) في المصدر : روعته .
(٣٥) في الطبعة الحجرية : ولفظه ، وما أثبتناه من المصدر .