يحضرك له رأي ، وعرفت له من تثق برأيه وترضى به لنفسك ، دللته عليه وأرشدته إليه ، فكنت لم تأله خيراً ولم تدخره نصحاً ، ولا قوّة إلّا بالله .
وأمّا حقّ المشير إليك ، فلا تتّهمه بما يوقفك (٣٦) عليه من رأيه إذا أشار عليك ، فإنّما هي الآراء وتصرف النّاس فيها واختلافهم ، فكن عليه في رأيه بالخيار إذا اتّهمت رأيه ، فأمّا تهمته فلا تجوز لك ، إذا كان عندك ممن يستحقّ المشاورة ، ولا تدع شكره على ما بدا لك من إشخاص رأيه وحسن (٣٧) مشورته ، فإذا وافقك حمدت الله ، وقبلت ذلك من أخيك بالشّكر والارصاد بالمكافأة في مثلها إن فزع إليك ، ولا قوّة إلّا بالله .
وأمّا حقّ المستنصح ، فإنّ حقّه أن تؤدّي إليه النصيحة على الحقّ الذي ترى له أنّه يحمل ، ويخرج المخرج الذي يلين على مسامعه ، وتكلّمه من الكلام بما يطيقه عقله ، فإنّ لكلّ عقل طبقة من الكلام يعرفه ويجتنبه ، وليكن مذهبك الرّحمة ، ولا قوّة إلّا بالله .
وأمّا حقّ الناصح ، فان تلين له جناحك ، ثم تشرئب له قلبك ، وتفتح له سمعك ، حتّى تفهم عنه نصيحته ، ثم تنظر فيها ، فإن كان وفّق فيها للصواب ، حمد الله على ذلك وقبلت منه وعرفت له نصيحته ، وإن لم يكن وفق لها فيها ، رحمته ولم تتّهمه ، وعلمت أنّه لم يألك (٣٨) نصحاً إلّا أنّه أخطأ ، إلّا أن يكون عندك مستحقاً للتهمة ، فلا تعبأ بشيء من أمره على كلّ حال ، ولا قوة إلّا بالله .
وأمّا حقّ الكبير ، فان حقّه توقير سنه ، واجلال اسلامه إذا كان من أهل الفضل في الاسلام ، بتقديمه فيه ، وترك مقابلته عند الخصام ، ولا تسبقه الى
____________________________
(٣٦) في المصدر : يوافقك .
(٣٧) في المصدر زيادة : وجه .
(٣٨) إلىٰ الرجل : إذا قصر وترك الجهد . وفيه قوله تعالى : ( لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا ) أي لا يقصرون لكم بالفساد . ( مجمع البحرين ج ١ ص ٢٩ ولسان العرب ج ١٤ ص ٣٩ ) .