من نبي ولا وصي إلّا واختار العزلة في زمانه ، أما في ابتدائه وأما انتهائه .
وقال ( عليه السلام ) : اطلب السلامة فيما كنت ، وفي أي حال كنت ، لدينك وقلبك وعواقب أُمورك ، من الله عز وجل ، فليس من طلبها وجدها ، فكيف من تعرض للبلاء ، وسلك مسالك ضد السلامة ، وخالف أُصولها ، بل رأى السلامة تلفاً ، والتلف سلامة ، والسلامة قد عزلت من الخلق في كل عصر ، خاصة في هذا الزمان ، وسبيل وجودها في احتمال جفاء الخلائق وأذيتهم ، والصبر عند الرزايا ، وخفة المؤن ، والفرار من الأشياء التي تلزمك رعايتها ، والقناعة بالأقل من الميسور ، فإن لم تكن فالعزلة ، فإن لم تقدر فالصمت ، فليس كالعزلة ، فإن لم تستطع فالكلام بما ينفعك ولا يضرك ، وليس كالصمت ، فإن لم تجد السبيل إليه ، فالانقلاب في الأسفار من بلد إلى بلد ، وطرح النفس في براري التلف ، بسر صاف وقلب خاشع وبدن صابر ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا ) (١) » الخبر .
[ ١٣٣٤٣ ] ٢٦ ـ كتاب عاصم بن حميد الحناط : عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « من اغبط أوليائي عندي ، رجل خفيف الحال ، ذو حظ من صلاة ، أخسن عبادة ربه في الغيب ، وكان غامضاً في الناس ، جُعل رزقه كفافاً فصبر ( عليه ، عجلت منيته ) (١) مات فقل تراثه وقلت بواكيه » .
[ ٢١٣٣٤ ] ٢٧ ـ الديلمي في إرشاد القلوب : عن سفيان الثوري قال : قصدت جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) ، فأذن لي بالدخول ، فوجدته في سرداب
____________________________
(١) النساء ٤ : ٩٧ .
٢٦ ـ كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٧ .
(١) في المصدر : عجلت عليه منيته .
٢٧ ـ إرشاد القلوب ص ٩٩ .