علوم الشريعة من تفسير القرآن الكريم والعلم بمحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وأحكامه وآدابه ، والسُنّة النبوية الشريفة روايةً وتدويناً في عصر كانت ما تزال كتابة الحديث فيه تتأثر بما سلف من سياسة المنع من التدوين ، السياسة التي اخترقها أئمة أهل البيت عليهمالسلام فكتب عنهم تلامذتهم والرواة عنهم الشيء الكثير ، إلىٰ أحكام الشريعة ، حلالها وحرامها وآدابها ، إلىٰ فضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عهد عمدت فيه السياسة علىٰ تعطيل الكثير من الأحكام وتبديل بعض السنن وإحياء بعض البدع ، إلىٰ الجهر في نصرة المظلوم وضرورة الردّ علىٰ الظالم وكشف أساليبه الظالمة للناس.
كما تأدبوا علىٰ يديه في مجالسه بآداب الإسلام التي شحنها في أدعيته التي اشتهرت وانتشرت في عهده حتىٰ أصبحت تشكّل لوحدها ظاهرة جديدة في تبني اسلوب روحي متين ، ليس لإحياء القلوب وشدّها إلىٰ الله تعالىٰ وحسب ؛ بل إلىٰ إحياء معالم الشريعة وحدودها وآدابها الأدعية التي حفظ المشهور جداً منها في الصحيفة المعروفة بـ «الصحيفة السجادية» نسبة إليه حيث عرف عليهالسلام بالسجاد.
والأثر المحفوظ عنه عليهالسلام في كلِّ هذه الميادين أثر عظيم يجمع أسفاراً جليلة ، تتضمن سائر علوم الشريعة الإسلامية.
وغير ذلك فقد سجّل الإمام عليهالسلام سبقاً علمياً وتاريخياً في رسالة تعد من مفاخر الإسلام وتراثه العلمي ، ألا وهي «رسالة الحقوق» الرسالة الخالدة المحفوظة بهذا العنوان ، والتي استوعبت جلّ الحقوق التي لا يستغني الإنسان عن معرفتها ، ولا يستغني المجتمع عن احيائها والعمل بها ، لأجل أن يكون مجتمعاً إسلامياً حيّاً بحق ، كما أرادت له الشريعة السمحة.