ومن ناحية أُخرىٰ فقد ظهرت في عهده عليهالسلام مقولات عقيدية تبنتها فرق إسلامية وتمحورت حولها واتخذت منها مناهج خاصة في فهم عقائد الإسلام وتوجيه أحكامه ، كعقيدتي الجبر والارجاء اللتين روّج لهما الامويون تبريراً لوجودهم في السلطة لمشروعهم السياسي ، وعقيدتي التشبيه والتعطيل في الصفات اللتين اتخذتهما فرق متناقضة بذرائع مختلفة.
وإزاء هذه الاتجاهات وقف الإمام عليهالسلام موقفه الواضح والمنسجم مع منهجه في التعليم والدفاع عن مبادىء الشريعة ، فضمّن أقواله الحكيمة وأدعيته المشتهرة نصوصاً تجتث تلك المقولات من جذورها ، من ذلك موقفه مع عبيد الله بن زياد يوم أُدخل عليه في قصر الإمارة وعُرض عليه فقال له : من أنت ؟
فقال عليهالسلام : « أنا علي بن الحسين ».
فقال : أليس قد قتل الله علي بن الحسين ؟
فقال له الإمام عليهالسلام : « قد كان لي أخ يسمىٰ علياً قتله الناس ».
فقال له ابن زياد : بل الله قتله.
فقال الإمام عليهالسلام : « ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا )(١) » (٢).
وكذا موقفه الآخر مع يزيد بن معاوية عند دخوله عليه مع أخواته وعمّاته في الشام.
قال يزيد : يا بن حسين ، أبوك قطع رحمي وجهل حقّي ، ونازعني سلطاني ، فصنع الله به ما قد رأيت.
_______________________
(١) سورة الزمر : ٣٩ / ٤٢.
(٢) الإرشاد / الشيخ المفيد ٢ : ١١٦.