وهذا الإيمان الذي تشكّل من جرائها ترتبت عليه درجات الكمال التي يشير إليها عليهالسلام في متابعة كلامه ، بقوله : « وكمال معرفته التصديق به ».
ويقول « الطباطبائي » في معرض شرحه لهذه الجملة : « والتصديق هذا هو الذي يوجب خضوع الإنسان له في عبوديته ، وبهذا التصديق يرسخ الاعتقاد ويثبت ، لذلك كان هذا التصديق كمال المعرفة » (١).
عند هذا المقام سوف تنطبق الآية الكريمة على أنّ الله سبحانه يتولّى إخراج الذين آمنوا من الظلمات إلى النور ، ولكن هذا لا يكون قبل الخضوع للعبودية بحسب قول الطباطبائي.
وإذا حملت هذه العبودية على أولية المعرفة ومتابعتها إلى كمالها ، نجد أن الله سبحانه في هديه أجرى قانوناً أورده في كلامه عزّ وجلّ ، هو إرسال الرسل وتزويدهم بالكتاب وهم ملاك الطريق إليه ، يقول سبحانه وتعالى : ( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور ) (٢) ، فيمارس الرسول هذا الدور بما أوتي من خصيصة تشتمل على الولاية ، فالله عزّ وجلّ كما أثبتنا قبلا هو صاحب الولاية المطلقة على جميع خلائقه بلا اشكال ، وهو الذي
__________________
١ ـ علي والفلسفة الإلهية : ٤٤.
٢ ـ إبراهيم : ٥.