يتولى المؤمن ويخرجه من الظلمات إلى النور ، وهو الذي يمنح هذه الرتبة للهداة الأُول ، يمارسون بدورهم الممنوح من قبله عملية إخراج الناس من الظلمات إلى النور.
لكن هل انحصرت هذه العملية بالرسل والأنبياء؟ وهل هذه الوظيفة الكونية بما لها من ضرورة وأهمية دائمة أبداً ما دام هنالك بشر على وجه الأرض تنقطع برحيلهم عليهم الصلاة والسلام؟
من الناحية العقلية لا يظهر أنّ ذلك يكون ، وعلّته واضحة في كتاب الله سبحانه وتعالى وسيرة الحياة الإنسانية ، والذي عليه الحال أنّ المجتمع الذي يعتنق اعتقاداً دينياً حصل عليه من قبل نبيّ أو رسول ثم تغيّب هذا النبيّ أو الرسول ، لسبب ابتعاد أو وفاة أو أي سبب آخر وإن كان قد أنجز رسالته ، فإنّ هذا المجتمع يأخذ تدريجياً بتغيير هذا الاعتقاد ، وفي مثل هذا الحال تذهب العقائد نحو تبدلات تطرأ عليها ، وقد تكون هذه التبدلات منذ البدء طفيفة وتأخذ مع الزمن بالتطاول أو التفرع ، وقد تكون كبرى كتلك التي حصلت مع نبيّ الله موسى عليهالسلام ، حين غادر أتباعه إلى ميقات ربّه واختفى عنهم وخلَّف فيهم أخيه هارون عليهالسلام ، وأنّه لما رجع إليهم وجدهم قد انحرفوا انحرافاً كبيراً عن التوحيد ودخلوا في الوثنية من جديد.
هذا الانحراف الكبير يورده القرآن الكريم في معرض الكشف عن طرائق البشر في التعامل مع هداتهم ، على الرغم من أنّ هذا