الهادي يصرف كل جهده في دعوته ويعرض حياته للخطر الدائم والأكيد ، لأنّه لا يلين ولا تعرض عليه عوارض قبول التخلي عن رسالته ، لذلك كانت الهداة صفوة خلق الله كما يرد في عدد من آيات الكتاب الكريم ، وإذا كان موسى عليهالسلام من هذه الصفوة ( قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ) (١) ، وقد برز إلى فرعون وأنجز رسالته وأوفى إلى الذين اتبعوه.
إذا كان موسى ما يزال بين ظهرانيهم ، وغادر مستجيباً لداعي ربّه ، وخلّف فيهم نبيّاً هو هارون ، وأنّ الفاصل الزماني هو عدّة من أيام ، نلاحظ كيف انقلبت العقيدة التي تركها فيهم هذا الوقت ، يقول الله سبحانه هنا : ( واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً ) ، وأين كان خليفته هنا في هذه المرحلة البالغة التعقيد؟ أين كان هارون؟
ويقول الله تعالى في متابعة القصة ، إنّ موسى عندما عاد إلى قومه وجدهم قد آلوا إلى العجل فقال : ( بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) (٣).
__________________
١ ـ الأعراف : ١٤٤.
٢ ـ الأعراف : ١٤٨.
٣ ـ الأعراف : ١٥٠.