وفي الواقع انّ الخليفة الذي تركه الرسول موسى عليهالسلام لم يكن ضعيفاً ولا ليناً ، حتى يقبل بالنزول عن عقيدته ، بل أنّه ـ بحسب القصة القرآنية ـ كان رجاءَ توسل موسى لله تعالى أن يحقق له ليشدد به أزره ، ويؤيده بنصرته ، لكن الحق أنّ طبائع الناس في العقائد والأديان عرضة للاهتزاز إذا لم تكن الهداة على رأس حياتهم دوماً ، ومع أنّهم يكونوا كذلك ، فإنّ التعبير والتحريف في العقائد نصوصاً أو وصايا أو أفعال يجري ، فكيف عند غياب المركز؟!
لكن على الرغم من ذلك ، نجد نسقاً من المؤمنين بالأديان لا يغادر الصواب ، وأنّه إن حصل ذلك وغادرت فئة أو فرد أو جماعة ، فإنّ قلوبهم قابلة لإزاحة العمى والعودة إلى جادة النور ، وهؤلاء يحظون بعناية كبيرة في الذكر الحكيم ، ونلاحظ قوله تعالى في هؤلاء الذين يؤمنون بالأنبياء ويعتنقون دين الله تعالى ، ثم يبتعدون عن جادتهم أنه جل وعلا يصفهم : ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ، فسوف يلقون غياً ) (١).
وهنا يستعرض تعالى شريحة تغادر رسالة أنبيائها بعد أن آمنت ، وتضيع عباداتها ، لكن ثمة تلك الفئة التي اهتزت مواقفها القابلة للرجوع يذكرها هنا قوله سبحانه : ( إلاَّ من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً ) (٢).
__________________
١ ـ مريم : ٥٩.
٢ ـ مريم : ٦٠.