تكون البشرية بحاجة إليها فالنبيّ الهادي والرسول والإمام يقومون جميعاً بإظهار حقيقة النور والعمل على إزاحة الظلمة ، وهم إمّا أن يكونوا موجودين معاً ، أو أن يتبادلوا الأوقات ، أو يأتي واحد وراء الآخر أو قبله.
وأما حول مصدر هذا الدمج ، فإنه بالإضافة إلى ما أوضحه القرآن الكريم حول نبوّة ورسالة وإمامة إبراهيم عليهالسلام فإنه أشار إلى تقلب هذه الحقيقة في الذرية التي بعضها من بعض (١) ، وإنّه لمّا لم يكن الله سبحانه ليفرق بين أحد من رسله ، فإنّ كل رسول بمثابة نبيّ وإمام وهذا يجري على الإمام والنبيّ مثلما يجري على الرسول ، وعلّة هذا القول بنصوص القرآن الكريم ( لا نفرق بين أحد من رسله ) (٢) أو قوله ( والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم ) (٣) ، فإذا كان كل رسول هو نبيّ وإمام كإبراهيم ، وهو مقام الصفوة ، فإن توريث راية الحق هو شأن من شؤون الله سبحانه ، لأنّ الاصطفاء أمر إلهي لا دخل لأحد فيه ، كذلك خيار استمرار الرسالات لا لأحد قدرة على التدخّل فيه ، نعم قد يتم التدخل ليس في الإمام ، إنّما في طرائق نقل المعارف ، أقصد
__________________
١ ـ ترد تفصيلات هذه الحقيقة في القرآن الكريم في عدد من المواضع ، راجع مثلا سورة الحديد الآية ٢٦.
٢ ـ البقرة : ٢٨٥.
٣ ـ النساء : ١٥٢.