وجوده لا يلغي مثل هذا الأمر ، إنّما في الحدّ الأدنى هو يخفف من شدّة تدميرها وأثرها ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن نصاب القسط الذي تسعى الرسالات من أجل إبقائه وإقامته ، يلزمه دوام ممثل للحق ، رافع لرايته ، وكثير من الناس من يمثلون حمل هذه الراية ، ويخدعون ويمارسون أدواراً تمثيلية على الناس ، لمصالح أو أغراض تؤتي منافع أو تشبع حاجة أو تخلّد مأثرة ، إنّما الإمام الذي هو شأن إلهي فهذا أمر ينبغي الإضاءة حول معرفته ، وقد تولى القرآن الكريم ذلك مثلما تعهدها النبيّ محمد صلىاللهعليهوآله وأوصلها إلى البشرية.
بهذا نعرف جوهر المقصود من الآية الشريفة ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ) (١) والآية المباركة ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) (٢) ، فبقاء الرسائل السماوية من أجل تحقق هدفها في الناس أمر حتمي ، ومن أجل إظهار هذا الهدف واقامته في الأرض ، فإنّ الرسل والأنبياء والأئمة لا ينقطعون عن الناس ولا يفارقون حياتهم ، كيفما كانوا وأينما كانوا ، ولا يعني عدم التزام الناس بأوامر الرسل والهداة ، أنّهم لا يقومون فيهم ولا تسري قوة الكلمة الإلهية بين البشر ، بل على العكس ، لأن نصرة الحق بأية طريقة كانت هي تلبية لغاية العدالة ، وهي تعبير عن سريان هذا النور.
__________________
١ ـ المجادلة : ٢١.
٢ ـ الأنبياء : ١٠٥.