هنا ، تكون في مقام الاعتراف بفضله سبحانه على الأمم ، وبالشكر له لما تفضل بإرسال رحمته التي وسعت كل شي ببعث محمد صلىاللهعليهوآله : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) (١) فالرحمة الإلهية المتجسدة بإرسال محمد صلىاللهعليهوآله قد أفاضت على الناس ما يزيل عنهم ظلمات النسيان ، أو بحسب تعبير علي عليهالسلام : « أنَّ محمّداً رسول الله المجتبى من خلائقه ، والمعتام لشرح حقائقه ، والمختص بعقائل كراماته ، والمصطفى لكرائم رسالاته ، والموضحة به أشراط الهدى ، والمجلو به غربيب العمى » (٢).
فإذا تبيّن لنا أن الله سبحانه يختار الهداة من أنبياء ورسل وأئمة ، وعرفنا أنه بعد أن تقوم البيّنة على الناس في ( النبيّ الرسول الإمام ) ، بعون الله ومساعدته للناس والرسل معاً ، نقف بعد ذلك على أن الحقيقة النبوية المحمدية قد استمدت عظمتها من عظمة خالقها ، فأبانت للناس طرق الوصول إلى غاياتها ، وعرّفتهم كيف يكون الطريق إلى النجاة من مهاوي الردى ، وبعد ذلك ينتصب الحق الإلهي الذي أظهر للناس بفضل وعون الله سبحانه ، فيكون العباد الذين سوف ترث الأرض والغلبة لما يقوله سبحانه.
ولدينا هنا وقفة وهي أنّ هذه المعرفة التي تنبغي للهادي على
__________________
١ ـ الأنبياء : ١٠٧.
٢ ـ أنظر : نهج البلاغة : الخطبة ١٧٨ ، المعتام : المختار لبيان حقائق التوحيد والتنزيه ، غربيب الشيء : أشدْ سواداً ، غربيب العمى : أشد الضلال والظلمة.