منذ خلق الله الناس ، وما من حاجة إذن لترادف المرسلين ، ولا من حاجة لقيام الأئمة فيهم ، لكن لما كانت الجبلة البشرية تأخذها منازعات وميولات ، كان من الطبيعي أن تستغرق في ظلماتها ، ما لم يردفها ربّ الناس بمن يذكّرها ، ويحنو عليها بالإمام ، وهو الرؤوف الرحيم بكل شيء أبدع خلقه وناوله حظه في العيش ، على أن يلج مدارك كماله ، أو ينحاز إلى مجارات مراتب الضلال فيأوي مع من آوى إلى المصير البائس ، والعيش الضنك ، إلاّ أن يشرق نور الله في حناياه ، وما من أمة أو قوم ، إلاّ ويقوم فيها من يلتفت إليه لو استيقظ القلب ، وما أن تحدث يقظته حتى يؤتى الحكمة ، والفضل العظيم ، فيعرف إمامه ، روي عن الإمام الصادق عليهالسلام قوله عندما سئل عن الحكمة التي أوتيها لقمان ، فقال : « لقد أوتي معرفة إمام زمانه » (١).
اللهم اجعل القلب لا يفتقد نورك ، وامنن عليه بلطف منك ، أدخله مداخل النور عن بصيرة وأبعد عنه ظلمات العمى ، وتغمده بوافر مَنِّك ، واجعل له في معرفة إمامه من لدنك سبيلا ، لأنّ هذا لا ينال إذا انقطع حبل رحمتك ، وغابت عن العناية به آيات فضلك ، ومن يبتغ غير ذلك السبيل ، فإنه لن يجد له ولياً مرشداً.
إنّ معرفة الطريق إلى عليّ عليهالسلام ، يلزمها المزيد من الانفتاح على أبواب الحكمة ، ليس لغيابه أو لصعوبة معرفته ، حاشاه فهو الذي لا
__________________
١ ـ أنظر : تفسير القمي : ٢ / ١٣٨.