يفارق القرآن ، ولا يشتبه في أنه ميزان الفصل بين النفاق والإيمان ، لقوله عليهالسلام : « أنا قسيم النار » (١) ، ولقول رسول الله صلىاللهعليهوآله فيه : « يا عليّ لا يحبك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق » (٢) ، وإنما لكثرة ما يعمل على اخفاء الحق ، واشهار الباطل.
وكما قلنا ، ذاك شيء في طبائع الناس ، ولولا ذلك لما احتجنا لتكرار الرسل وتواترتهم ، وقيام الهداة واستمرارهم ، وهنا نقول :
إن الطريق الذي يفتح منه لنا باباً على الحق ، ينقسم بحسب هذا المبحث إلى عدّة أقسام.
ونبدأ القسم الأوّل بالكيفية التي ينظر فيها الإمام عليّ عليهالسلام إلى نفسه ، وكيف ينقل لنا وسائل التعرف عليه ، والتماس هداه.
وسنلج في كلماته التي حملتها إلينا الأسفار عبر التاريخ ، ومنها سوف نلحظ مشهد الحق ونعاينه ، ونطرق باب النور ، فينفرج ما بين قلوبنا وبينه ما يجعل قلوبنا تطمئن بذكر الله تعالى ، وتخشع رغبة في حنوه.
ننظر هنا إلى كلماته يخاطب فيها الناس ، وهو قائم مقام رسول الله صلىاللهعليهوآله يعلمهم ويعظهم ويميل إليهم بارتياد ثوب النجاة من الفتن ،
__________________
١ ـ أنظر : ينابع المودة للقندوزي : ١ / ٩٠ ، النهاية لابن الأثير : مادة ( قسم ) ، بصائر الدرجات للصفار : ١٩١.
٢ ـ أنظر : ربيع الأبرار للزمخشري : ١ / ٤٨٨ ، كشف الخفاء للعجلوني : ٢ / ٣٥٠ ( ٣١٨٠ ) نقلا عن مسلم والترمذي والنسائي ، وغيرهم.