وهنا مكمن الفرق ، بين الإمامة وأصناف الزعامات التي تحدّثت عنها في أماكن مختلفة في أنحاء هذا الكتاب.
والذي يجاهر بإمامته للناس وفق هذا المفهوم ، ليس أحد غير محمول عليه تخليصهم من فتن الدنيا ، بل على كاهله حمل هذا ، لأنّه هو المعبّر عياناً عن حقيقته.
ونعتقد أن الإمام في سياق تناوله للتعريف بنفسه ، لا يقول هذا إلاّ إذا كان للحديث موجب ، وهذا الموجب هو لكل من يأتي من بعد هؤلاء القوم الذين لا يجهلونه ، وإنما تقودهم عنه أمور الدنيا التي تحول بين المرء وربّه.
فلا يظن أحد أن الإمام عليّ عليهالسلام يتحدّث في تينك الأزمنة ، كي يقف الناس على مكانته ، وإنّما يتحدّث كي تسير في الناس حقيقته ، التي يريد أهل الضلال اطفاء نور الله تعالى بأفواههم ، إذ عملوا على اخفائها ، لكن الله سبحانه يأبى إلاّ أن يتم نوره ، فينطق أثر ذلك عليهالسلام ، دافعاً الشبهات مقيماً للحق ، يقول :
« فاسألوني قبل أن تفقدوني ، فوالذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة ، ولا عن فئة تهدي مائة وتضل مائة إلاّ أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها ، ومناخ ركابها ، ومحط رحالها ، ومن يقتل من أهلها قتلا ، ومن يموت منهم موتاً ، ولو قد فقدتموني ونزلت