وكذلك كلامه مخاطباً الناس ، ونريد أن لا يفوت القارىء أن الحياة التي قضاها الإمام علي عليهالسلام ، كانت كلّها في سبيل إزاحة الناس عن الباطل ودفعاً لهم نحو الحق ، امضاءً لدين الله ، وإذعاناً لنهج رسوله الكريم ، وأداءً لوظيفة أنتخبه الله سبحانه لها ، ولا راد لإرادة الله تعالى ، ولا مبدّل لكلماته ، وهذا يظهر بجلاء في كل مكان ينبئه فيه إلى أنه تفوّه عليهالسلام بكلمة ، أو قام بفعل ، أو نهى أوامر أو عاتب ، أو حارب في شيء ، أو ما شابه ذلك.
وفي ديمومة إعلانه في الناس عن وجوب عدم انهماكهم في حياة فانية ، واقبالهم على حياة لا تزول ، يقول :
« إنما الدنيا دار مجاز ، والآخرة دار قرار ، فخذوا من ممركم لمقركم » (١).
إن الدخول في عوالم الحياة الدنيا ، دخولا يغلق البصر ، ويمحي التعلق بحياة هي المستقر كثيراً ما يراود كلماته عليهالسلام بل ولا تكاد تخلو من اشارة إلى حق ، أو حرف عن باطل ، وأن يتعامل معها تعامل الخصم ، يعمل على طردها من قلوب المؤمنين ، في كل سانحة فرصة ويجاوز في ذلك إلى أبعد ، بل هو يعمل على اقصائها نهائياً ، يقول :
« أخرجوا من الدنيا قلوبكم من قبل أن تخرج منها أبدانكم » (٢).
__________________
١ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٢٠٣.
٢ ـ المصدر نفسه.