اهتديتم في الظلماء » ، وهو إذ يقول هذا دائماً لا ينفصل فيه عن كتاب الله ورسوله ، وقد أوضح معنى النور في عدّة أماكن ، وهو الذي سطع بمحمد صلىاللهعليهوآله وأضاء به (١) ، وهو الذي « أجلي به غربيب العمى » ، وفي توطيد انبثاقه عن الحقيقة المحمدية ، يقول عليهالسلام : « بنا يستعطى الهدى ، ويستجلى العمى » (٢).
هكذا يمهد الإمام علي عليهالسلام لنا طرقات معرفته ، ويدلّنا به وبالقرآن والنبيّ وآل البيت على ملاذ قلوبنا ، على من تسلّم له زمام الأفئدة ، وتروى من عطشها به الظمآء ويربطنا بوصيته عليهالسلام هنا في قوله :
« أما وصيتي : فالله لا تشركوا به شيئاً ، ومحمداً فلا تضيعوا سنته ، أقيموا هذين العمودين ، وأوقدوا هذين المصباحين » (٣).
الكلمة التي تنتهي بأوقدوا هذين المصباحين تلفت الانتباه إلى أمر فيه الأهمية ، معناه : انّ اتباع الهدى والانكشاف على نور الله ومعرفة الرسول والإمام هي تحت تصرّف المرء ، أي ليس بعاجز عن فتح أبواب الله تعالى على قلبه ، كما أنه ضمن امكاناته أيضاً اغلاقه ، ودعونا ننجز هذا المبحث باقتطاع هذه الكلمات من احدى خطبه عليهالسلام في أهل بيت النبوة عليهمالسلام ، يقول :
__________________
١ ـ راجع الخطبة الثانية من النهج ، بعد انصرافه عليهالسلام من صفين.
٢ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٤٤.
٣ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٤٩.