يجب أن تتحرك المسائل ضمن مضمار الأخذ والرد ، ولا تقفل الأبواب أو تقطع الطرق على الراغب في الاستزادة.
ولا ندري إنْ كانت تنفع مفردات مثل « المعرض عن الخوض فيها أسلم من الخائض فيها » ، أو « إنها مثار للتعصبات « ، أو « مثار للفتن والشحناء » (١) يُقصد منها الكفّ عن البحث في الإمامة وإقامتها ، أم يقصد فيها إثارة ذهن الباحث نحو جلاء مثل هذه الحقيقة! وأرى ترجيح الثانية ، والسير على هذا الترجيح.
ويتضح لي أنّ الإمامة مفهوم جميع ما تقدّم ، وعلى هذا المفهوم تترتب النتائج التي تكون أكثر شمولية ، وأشد تعبيراً من المناصب الإدارية أو السياسية أو العسكرية أو الاجتماعية ، لكن لبلوغ هذا المفهوم يحتاج الراغب لمزيد من العناء ، ولا نقصد بالعناء هنا المشقة من أجل الوصول إليه ، لأنّ الإمامة والإمام أمر لا ينبغي معه الغموض ، مثلما لا يجب أن ينشب حوله خلاف من نوع ذاك الذي يقسّم الناس إلى فرق وأحزاب ، إنّما الواجب أو الضروري ـ بمعنى الحتمي ـ أن يكون الإمام هو الجامع والرابط بين الناس ، الجاذب لهم والموطد لأواصر التقارب والتلاحم فيما بينهم ، هذا هو الأمر الطبيعي والسليم ، الذي يرسل الله تعالى الأنبياء عادة ويزودهم بالأوصياء من أجله.
__________________
١ ـ انظر غاية المرام في علم الكلام للآمدي : ٣٦٣.