حقائق الأشياء مشكّلا بذلك صورة ذهنية لها (١) ؛ وهو الشكل المنطقي الذي تبنى من خلاله باقي أشكال الفكر ( الحكم ـ القياس ) ويتيح التعمق في معرفة الواقع أبعد ممّا يسمح له الإحساس والإدراك والتصوّر وهو في النتيجة » خروج عمّا يعطى لنا مباشرة من التجربة الحسية » (٢).
ونحن عند اختيارنا لهذا التعريف ، رمينا إلى ما يقود الفكرة نحو عمقها ، للخروج بها عن معطيات الظاهر ، بالطبع بعد أن أخذت شكلها وتسميتها بالنسبة للتجربة الحسية التي ندركها كما أدركها من سلف ، لأنّ الشيء لا يُعد موجوداً بالنسبة لشعورنا إلاّ عندما يلد فكرة تصبح برهاناً على وجوده في عقلنا ، وعندما يتيح ذلك يصبح حضوره وجوداً حقيقياً ، وحينئذ تنكشف شخصيته ويوضع بالتالي اسم يطلق عليه ، تلك هي عملية الإدراك (٣).
فالاسم هو أول تعريف للشيء الذي يدخل نطاق شعورنا ، وهو تصديق على وجوده ، وهو بهذا الوضع أوّل درجة من درجات المعرفة وأوّل خطوة نخطوها نحو العلم ، وإذا كان الاسم بهذا المعنى هو الدرجة الأولية في المعرفة ، فإنّ المفهوم هو الدرجة الأوسع
__________________
١ ـ محيط المحيط ، مكتبة لبنان ، ص٧٠٤.
٢ ـ المعجم الفلسفي المختصر : توفيق سلوم ، ط موسكو ص٤٧٠.
٣ ـ انظر كتاب الأُصول الفكرية للثقافة الإسلامية ، محمود الخالدي ، دار الفكر ، عمان ط١ ، ١ : ٣٠ ، وما بعدها.