التدين ) ، أضف إلى أنّ علم الآثار المهتم بالحضارات الإنسانية الموغلة في القدم والعائدة إلى بدايات نشوء الإنسان ، أفصح ـ بالاستناد إلى ما تركت هذه الحضارات من دلائل آثارية ـ عن عدم خلو ذهنه من إيمان أو معتقد روحي يرمز إليه بشكل من أشكال الرموز (١).
ولم تخل حقبة زمنية ترك فيها الإنسان أثراً يدلّ على قيامه على أرض وثباته عليها من إشارات إلى تعلقه بمثال ، تميل نحوه فطرته ، وتصبو إليه أفكاره ، وهو حتى الآن كذلك ، ويمكن أن نأخذ قطعة آثارية تجمع ما بين الألف الرابع قبل الميلاد ـ أي قبل نحو من ستة آلاف عام ـ وبين الألف الثاني منه ، تجمع بين المرحلة السومرية في معتقداتها والمرحلة البابلية والآشورية ، وهي قطعة من ( ملحمة جلجامش ) الشهيرة ، كي نصور فيها كيف أنّ الإنسان ينظر نحو ( المثال ) ، وهو في غاية الرجاء والإعجاب وهو يعبر من خلال
__________________
١ ـ انظر للتوسّع بصدد هذه مسألة استقرار الإيمان في عقائد الإنسان من خلال دراسات حضارية متنوعة منها على سبيل المثال : د. جواد علي ، المفصل من تاريخ العرب قبل الإسلام ، بيروت دار العلم ١٩٦٩ ، ميديكو اللآلي من النصوص الكنعانية ، بيروت ١٩٨٠ ، ول ديورانت ، قصة الحضارة ، الجامعة العربية ١٩٤٩ ، الأب جرجس داوود ، أديان العرب قبل الإسلام ، فيليب حتَّى مطول تاريخ العرب ، الكشاف ١٩٥٢ ، حتي فيليب ، خمس آلاف سنة من تاريخ الشرق الأدنى ، عفيف بهنسي ، وثائق إيبلا ، دمشق ١٩٨٤ ، اولوف ارمان ، ديانة مصر القديمة ، ط البابي الحلبي ، وهناك قائمة كبيرة من كتب الأديان والحضارات القديمة.