أنا ورسلي ) (١) ، وقوله تعالى أيضاً : ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) (٢) والناظر في هذه الكلمات الشريفات ، يعرف أنّ الله سبحانه ليس مع خلقه في صراع حتى يشير إلى أنّه سيغلب هو ورسله ، وأنّ الأرض ليست ميراثاً لغير الصالح حتى يرثها فيما وراء ذلك الصالح ، وإنّما يفهم عند التأمّل الدقيق لهذه الكلمات ، أنّ الناس سوف تصل بالنتيجة إلى حتمية السير نحو تعليمات الله ، لأنّ كل مسيرة في خلافها كيفما كانت لن توصل السائر نحوها إلى جهة تحقيق سعادته بدون الاسترشاد بهدي ربّه ، وإنّ التجارب الإنسانية والأنظمة التي يستمدها من خلال تراكم خبراتهم وتوالي تجاربهم دائمة النقص ودائمة التغيير ، إلاّ أنّه سبحانه يرسي قواعد سلامية العيش في الحياتين ، عندما يصف أنّ الغاية من وراء الرسل التي يرسلها تكمن في إقامة الناس على جادة الصواب بالعدل.
يقول سبحانه وتعالى : ( ولقد أرسلنا نوحاً وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب ) (٣) ، يريد : لم نجعل الأمر على الناس غامضاً ملتبساً ، بل أزلنا الشبهات ، وبالرسل وافينا الناس بما
__________________
١ ـ المجادلة : ٢١.
٢ ـ الأنبياء : ١٠٥.
٣ ـ الحديد : ٢٥.