أرسلنا رسلنا تترا ) (١).
إنّهم كما سلف شجرة النبوّة ، الهداة إلى الحق بنور ربّهم ، وقد جعلت فيهم وفي ذريتهم خاصة ، ولنقرأ معاً هذه الآية المباركة : ( ولقد أرسلنا نوحاً وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب ) (٢) التي تدلنا على المواطن الذي لا يتحوّل إلى سواه اللب عندما تكون النفس باحثة عن غشية النور ، فارة من دياجي الظلمات.
ويمكن أن نسلهم من كتاب الله ما يفيدنا أنّ مثل هذا المقام ليس من العسر بلوغه ، بل أنّه في غاية اليسر ، فالفارق الجوهري بين النور والظلمة كما بيّناه من المنظور القرآني ، هو قيام الناس بالقسط بحسب ما تقدّم ، ولكن هل هذا المطلب قليل حتى لا يستجيب له الناس ، هل يرغب بني البشر بتعقيدات وتنظيرات وفلسفات حتى تتكشف لهم وسائل التحقّق من سلامة العيش.
هنا تكمن أهمية ما تقدّم من مباحث الاستجابة للفطرة السليمة ، التي تصبو النفس لرفع الحجب لتعرف إمامها ، والذي نعوّل عليه أخيراً ، هو الفارق بين من أبصر ومن هو غاض بصره ، كيف؟
لنستمع إلى هذه اللفتة القرآنية في تحديد منازل الظلمات والنور ،
__________________
١ ـ المؤمنون : ٤٤.
٢ ـ الحديد : ٢٦.