ولا ريب أنّ القائل بعدم إمكان التجزّي يمنع إمكان حصول العلم بالبعض بشرط لا دون البعض بشرط شيء ، والقائل بإمكانه يجوّز البعض بشرط لا والبعض بشرط شيء معا ، فالعلم بالبعض ـ الّذي هو مفهوم كلّي ـ له أفراد متعدّدة موجودة بأجمعها في الخارج على القول بالإمكان ، وغير موجودة فيه إلاّ واحد منها على القول الاخر ، فهو على مذاقه كلّي منحصر في فرد واحد كواجب الوجود.
ومن البيّن أنّ الجواب باختيار هذا الشقّ لا يستقيم إلاّ إذا اعتبر البعض المراد من « الأحكام » لا بشرط شيء ، لانتقاض الطرد لو اعتبر البعض بشرط لا والبعض بشرط شيء.
أمّا على الأوّل فبخروج العلم بالبعض المنضمّ إلى الكلّ ، وأمّا على الثاني فبخروج علم المتجزّي على القول بجوازه ، على ما يراه المصنّف من كونه من أفراد المحدود ، وعليه يجب أن يراد من « الأحكام » من المعان الخمس المتقدّمة للجمع المحلّى ، جنس المفرد دون غيره لما يتّضح وجهه.
[٢٠] قوله : ( قولكم : لا يطّرد لدخول المقلّد فيه ، قلنا : ممنوع ، أمّا على القول بعدم تجزّي الاجتهاد فظاهر ، إذ لا يتصوّر على هذا التقدير انفكاك العلم ببعض الأحكام كذلك عن الاجتهاد ، فلا يحصل للمقلّد وإن بلغ من العلم ما بلغ ... الخ )
وفيه نظر : لأنّ مرجعه إلى أنّ « الأحكام » بمعنى البعض اللابشرط وإن كان كلّيا بحسب المفهوم ، لكنّه في نظر القائل بامتناع التجزّي من باب كلّي ليس له في الخارج إلاّ فرد واحد ، وهو البعض المنضمّ إلى الكلّ كما عرفت ، فلا يكون الحدّ شاملا لما فرض في السؤال ، لا لأنّ له وجودا ولا يشمله الحدّ بل لأنّه لا وجود له في الخارج فالسالبة بانتفاء الموضوع ، وهذا كما ترى لا يدفع السؤال إلاّ على تقدير أحد الأمرين ، من القول بأنّ هذا الحدّ إنّما هو بالنظر إلى الأفراد وهو خلاف ما اتّفقوا عليه من أنّ الحدود لا بدّ وأن تكون للماهيّات بالماهيّات ، أو القول بأنّ