[٢٩] قوله : ( وكأنّه لهم ، وتبعهم فيه من لا يوافقهم على هذا الأصل ، غفلة عن حقيقة الحال ... الخ )
وفيه منع واضح ، بناء على ما وجّهناه على الوجه الصحيح.
وأمّا التوجيه الاخر المنطبق على مقالة المصوّبة ، فإنّما يستقيم بعد إحراز مقدّمتين ممنوعتين :
إحداهما : كون المراد « بالحكم » المذكور في العبارة المذكورة هو الحكم الواقعي وقد عرفت منعها ، لظهور الحكم في الفعلي الّذي هو أعمّ من الواقعي والظاهري.
واخراهما : كون المراد بظنّيّة الطريق كون الدليل مفيدا للظنّ ، وهو أيضا ممنوع بما أشرنا إليه : من أنّ المراد به كون الظنّ مأخوذا في الطريق من باب الوسطيّة ، كما صرّح به جماعة من فحول الاصوليّة من العامّة والخاصّة ، كالسيّدين العميدي والجرجاني في شرحيهما للتهذيب ، وشارح المختصر في بيانه ، وشارح المنهاج في نهاية المرام ، وهو ظاهر الاخرين.
وقد يدفع الاعتراض أيضا ، بحمل العبارة على إرادة أنّ الظنّ في طريق الحكم الواقعي ، وظنّية الطريق لا تنافي قطعيّة الحكم الظاهري ، ومحصّله : حمل « الحكم » في الفقرة الاولى على الواقعي وفي الفقرة الثانية على الظاهري فلا تصويب ، لأنّ إثبات الحكم الظاهري القابل للتعدّد باتّفاق المخطّئة من خواصّ غير المصوّبة.
وفيه من التفكيك الّذي ينافيه ظاهر سوق العبارة ما لا يخفى ، مع ابتنائه على تسليم المقدّمة الثانية ممّا تقدّم إليها الإشارة الّتي قد عرفت منعها.
ثمّ إنّهم أجابوا عن أصل الإشكال بوجوه اخر غير سديدة ، مع رجوع بعضها إلى ما قرّرناه أخيرا بنحو من الاعتبار.