بإمامتهم ، ومعجزاتهم ، وخوارق عاداتهم ، ومكارم أخلاقهم ، والمعاد الجسماني ، وسؤال القبر وعذابه والحساب والميزان والصراط والجنّة والنار كلّ في الجملة لتواتر الأخبار بالجميع عن النبيّ والأئمّة عليهمالسلام ، وتكاثر الآيات فيها ، وتظافر الامّة عليها ، والضرورة من الدين في الجميع ، بل قد يدّعى العقل المستقلّ في أصل المعاد ، لأنّه لولاه لضاع عمل العاملين وضاعت حقوق المظلومين ، ولساوى أشقى الأشقياء وأفضل الأنبياء ، لعدم حصول ما يصلح للجزاء في الدنيا ، مع ما نرى من إقبال الدنيا إلى الفجّار على قدر إدبارها عن الأخيار ، بل قد يدّعى حكومة العقل بالنسبة إلى جسميّة المعاد أيضا ، فإنّ الطاعة والمعصية إنّما وقعتا في هذا البدن ، فكيف يسوّغ المجازاة بالمثوبة أو العقوبة لغيره.
بخلاف ما لم يوجد فيه دليل قطعي منضبط فإنّه من القسم الثاني ، وإن كان قد يتّفق حصول القطع بتعاضد العقل الظنّي بالنقل ، أو تراكم الظنون ، أو الاعتماد على قول العالم الثقة وما أشبه ذلك ، كصفات النبيّ ، وصفات الأئمّة ، وتفاصيل يوم الجزاء ، والأحوال العارضة من حين الممات إلى انقضاء مدّة الحشر والنشر ، ومعاني الصراط والميزان وتطائر الكتب وغير ذلك ، فإنّه من القسم الثاني ، كما أشار إليه وإلى ضابطه الشهيد الثاني في عبارته المتقدّمة ، بقوله : « لأنّها مباحث ظنّيّة ، ووجه ظنّيّتها كون آياتها غير متكاثرة ورواياتها غير متواترة ، مع اختلافها وتعارض بعضها بعضا في كثير (١).
وعلى هذا الضابط يكون عينيّة صفاته تعالى من القسم الأوّل لاستقلال العقل فيه ، وكذلك عصمة الأنبياء والأئمّة لارتفاع الوثوق بقولهم في الإخبار عن الله أو عن النبيّ لولاها.
وعلى الضابط المذكور ظهر دليل إطلاق الوجوب في القسم الأوّل واشتراطه في القسم الثاني ، فإنّ إيجاب تحصيل العلم بالواقع فيما لا يوجد فيه دليل قطعي ، منضبط تكليف بما لا يطاق ، بخلاف ما وجد فيه ذلك ، فليتدبّر.
وها هنا مسائل :
المسألة الاولى :
إنّ المكلّف فيما كان وجوب التديّن بالواقع مشروطا بحصول الاعتقاد العلمي به ، إن
__________________
(١) المقاصد العليّة : ٢٥.