كُلَّ شَيْءٍ تَقْدِيراً.
بَلَوْتَ فَقَهَرْتَ ، وَنَظَرْتَ فَخَبَرْتَ ، وَبَطَنْتَ وَعَلِمْتَ فَسَتَرْتَ ، وَعَلى كُلِّ شَيْءٍ ظَهَرْتَ تَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ ، وَلا تَنْسى مَنْ ذَكَرَكَ وَلا تُخَيِّبُ مَنْ سَأَلَكَ ، وَلا تُضَيِّعُ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ.
أَنْتَ الَّذِي لا يَشْغَلُكَ ما فِي جَوِّ سَماواتِكَ عَمّا فِي جَوِّ أَرْضِكَ (١) ، تَعَزَّزْتَ فِي مُلْكِكَ وَتَقَوَّيْتَ فِي سُلْطانِكَ ، وَغَلَبَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَضاؤُكَ ، وَمَلِكَ كُلَّ شَيْءٍ أَمْرُكَ ، وَقَهَرَتْ قُدْرَتُكَ كُلَّ شَيْءٍ ، لا يُسْتَطاعُ وَصْفُكَ ، وَلا يُحاطُ بِعِلْمِكَ ، وَلا مُنْتَهى لِما عِنْدَكَ ، وَلا تَصِفُ الْعُقُولُ صِفَةَ ذاتِكَ.
عَجَزَتِ الْأَوْهامُ عَنْ كَيْفِيَّتِكَ ، وَلا تُدْرِكُ الْأَبْصارُ مَوْضِعَ أَيْنِيَّتِكَ ، وَلا تُحَدُّ فَتَكُونَ مَحْدُوداً ، وَلا تُمَثَّلُ فَتَكُونَ مَوْجُوداً ، وَلا تَلِدُ فَتَكُونَ مَوْلُوداً ، أَنْتَ الَّذِي لا ضِدَّ مَعَكَ فَيُعانِدُكَ ، وَلا عَدِيلَ لَكَ فَيُكاثِرُكَ ، وَلا نِدَّ لَكَ فَيُعارِضُكَ ، أَنْتَ ابْتَدَأْتَ وَاخْتَرَعْتَ وَاسْتَحْدَثْتَ فَما أَحْسَنَ ما صَنَعْتَ.
سُبْحانَكَ ما أَجَلَّ ثَناؤُكَ وَأَسْنى فِي الْأَماكِنِ مَكانُكَ (٢) ، وَأَصْدَعَ بِالْحَقِّ فُرْقانُكَ ، سُبْحانَكَ مِنْ لَطِيفٍ ما أَلْطَفَكَ ، وَحَكِيمٍ ما أَعْرَفَكَ ، وَمَلِيكٍ ما أَسْمَحَكَ (٣) ، بَسَطَتْ بِالْخَيْراتِ يَدُكَ ، وَعُرِفَتِ الْهِدايَةُ مِنْ عِنْدِكَ ، خَضَعَ (٤) لَكَ كُلُّ شَيْءٍ ، وَانْقادَ لِلتَّسْلِيمِ لَكَ كُلُّ شَيْءٍ ، سَبِيلُكَ جُدَدٌ (٥) ، وَأَمْرُكَ رُشْدٌ.
وَأَنْتَ حَيٌّ صَمَدٌ ، وَأَنْتَ الْماجِدُ الْجَوادُ ، الْواحِدُ الْأَحَدُ ، الْعَلِيمُ الْكَرِيمُ الْقَدِيمُ ، الْقَرِيبُ الْمُجِيبُ ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً ، تَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ وَجَلَّ ثَناؤُكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ الَّذِي
__________________
(١) في أرضك ( خ ل ).
(٢) أسنى الأماكن مكانك ( خ ل ).
(٣) سمح : جاد.
(٤) وخضع ( خ ل ).
(٥) الجدد : المستوي من الأرض.