امّا أوّلا : فلأن استظهار الوثاقة والأمانة من توكيله عليهالسلام لا يتوقف على ما ذكره من انه يشترط في الوكيل العدالة أوّلا أو التفصيل المذكور ، بل نستظهرها ولو قلنا بعدم الاشتراط مطلقا ، وذلك انّهم عليهمالسلام نهوا عن استبضاع شارب الخمر وائتمانه في اخبار كثيرة (١) ، فحكموا عليهمالسلام بأنه سفيه ، فيدخل في عموم قوله تعالى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) (٢) ، الآية.
وفي الصادقي ـ المروي في العياشي ـ قول الله تعالى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ ..) الآية ، قال : من لا يثق به (٣) ، ويظهر منه : انّ المانع في شارب الخمر هو عدم الوثوق به ، فكلّ من لا وثاقة له لا يؤتمن على مال ، ونهوا عليهمالسلام عن ائتمان الخائن ، والمضيّع وغير المؤمن في جملة من الأحاديث.
وفي اختصاص المفيد ـ في الباقري ـ : من عرف من عبد من عبيد الله كذبا إذا حدّث ، وخلفا إذا وعد ، وخيانة إذا ائتمن ، ثم ائتمنه على امانة ، كان حقّا على الله ان يبتليه فيها ، ثم لا يخلف عليه ، ولا يأجره (٤) ، ومع هذه النواهي الأكيدة كيف يجوز ان ينسب إليهم عليهمالسلام دفع مالهم الى غير الثقة ، واتكالهم عليه في التجارة ، وسكونهم عليهمالسلام الى قوله وفعله؟!
ولذا قال المحقق الكاظمي في العدّة : وما كانوا عليهمالسلام ليعتمدوا الاّ على ثقة سالم العقيدة ، وانّى يعتمدون على الفاسد ويميلون اليه وهم ممّا ينهون عنه وينأون؟! ومن ثم إذا ظهر الفساد من أحدهم عزلوه ، وقد عدل بهذه الطريقة غير واحد من الأصحاب كالعلامة ، وصاحب المنهج ،
__________________
(١) راجع وسائل الشيعة ١٤ : ٥٣ / ١ ـ ٥ ، من الباب التاسع والعشرين.
(٢) النساء : ٤ / ٥.
(٣) تفسير العياشي ١ : ٢٢٠ / ٢٠.
(٤) الاختصاص : ٢٢٥.