ولتحقيق أهداف الرّسالة بشكل كامل كان من الضّروري :
أ ـ أن تستمرّ القيادة الكفوءة في تطبيق الرسالة وصيانتها من أيدي العابثين الذين يتربّصون بها الدّوائر.
ب ـ أن تستمرّ عملية التّربية الصّحيحة باستمرار الأجيال على يد مربٍّ كفوء ؛ علميّاً ونفسيّاً ، حيث يكون قدوة حسنة في الخلق والسّلوك ، كالرّسول صلىاللهعليهوآله يستوعب الرّسالة ويجسّدها في كلّ حركاته وسكناته.
ومن هنا كان التّخطيط الإلهيّ يحتّم على الرّسول صلىاللهعليهوآله إعداد الصّفوة من أهل بيته ، والتّصريح بأسمائهم وأدوارهم ؛ لتسلّم مقاليد الحركة النّبويّة العظيمة ، والهداية الربّانية الخالدة بأمر من الله سبحانه ، وصيانة للرّسالة الإلهية التي كتب الله لها الخلود من تحريف الجّاهلين وكيد الخائنين ، وتربية الأجيال على قيم ومفاهيم الشّريعة المباركة التي تولّوا تبيين معالمها ، وكشف أسرارها وذخائرها على مرّ العصور ، وحتى يرث الله الأرض ومَنْ عليها.
وتجلّى هذا التّخطيط الربّاني في ما نصّ عليه الرّسول صلىاللهعليهوآله بقوله : «إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لنْ تضلّوا ؛ كتاب الله وعترتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».
وكان أئمّة أهل البيت (صلوات الله عليهم) خير مَنْ عرّفهم النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بأمر من الله تعالى لقيادة الاُمّة من بعده.
إنّ سيرة الأئمّة الاثني عشر من أهل البيت عليهمالسلام تُمثّل المسيرة الواقعية للإسلام بعد عصر الرّسول صلىاللهعليهوآله ، ودراسة حياتهم بشكل مستوعب تكشف لنا عن صورة مستوعبة لحركة الإسلام الأصيل الذي أخذ يشقّ طريقه إلى أعماق الاُمّة بعد أن أخذت طاقتها الحرارية تتضاءل بعد وفاة الرّسول صلىاللهعليهوآله ،