الشيخ أخبار عدم الصحة على ما إذا كان قصد المطلق بذلك الطلاق العدي ، فإنه لا يجوز له ذلك ولا يصحّ منه ولا يقع للعدّة لعدم المواقعة قبله ، وإنما يقع للسنة خاصّة ، هذا حاصل مراد الشيخ رحمهالله وصريح عبائره كما لا يخفى. وحينئذ ، فيتجه عليه ما تقدم إيراده ، ولا يندفع بما اعتذر عنه في (المسالك) فتدبّر وانصف.
الثاني : أن مقتضى ما ذكره الشيخ رحمهالله من الحمل ، هو صحّة الطلاق الثاني وإن كان لا يقع للعدة بزعمه ، بل يقع للسنة ، والمفهوم من الأخبار المانعة هو الابطال رأسا ، وعدم وقوع الطلاق مطلقا أما في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ، فللنهي عنه ، وما أجيب به من أن النهي إنّما يقتضي الفساد في العبادات (١). لا في المعاملات ليس على إطلاقه كما حققناه في موضع أليق.
ويؤيده ما صرّح به جملة من أصحابنا من أن النكاح أشبه شيء بالعبادات (٢) ، وأما رواية المعلّى بن خنيس ، فإنها قد صرحت بأنه لا يقع الطلاق الثاني حتى يراجع ويجامع ، وهو صريح في فساده وبطلانه أصلا ورأسا. ومثل ذلك موثقة إسحاق بن عمار.
فهذه الأخبار دالة بإطلاقها على الإبطال رأسا ، وأما صحيحة زرارة فهي دالة على أن ما ليس للعدّة ولا للسنّة بالمعنى المذكور فيها ، فليس بشيء ، وهو ظاهر في الإبطال أيضا ، فإن هذا القسم ليس داخلا في شيء من الفردين المذكورين فيها. وأما صحيحة أبي بصير فهي أوضح في الدلالة على البطلان من أن تحتاج إلى البيان ، غير قابلة لما ذكر من التأويل بوجه ولا سبيل.
وبالجملة ، فالأخبار المذكورة آبية الانطباق على الحمل المذكور.
__________________
(١) مسالك الأفهام ٩ : ١٤٤.
(٢) مسالك الأفهام ٧ : ٨٦ ، جامع المقاصد ١٢ : ٦٩ ، ٨٦.