الثاني : ما اختاره جماعة من أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ منهم شيخنا الشهيد الثاني قدسسره في (المسالك) وسبطه صاحب (المدارك) ، في (شرح النافع) ، من حمل النهي على الكراهة ، بمعنى استحباب الجماع بين الطلاقين بعد الرجعة وأخبار الجواز على أصل الإباحة.
قال في (المسالك) : (ووجه أولوية الجماع ، البعد عن مذهب المخالفين المجوزين لتعدّد الطلاق كيف اتفق ، ليصير الأمران على طرف النقيض حيث إن ذلك معدود عند أصحابنا من طلاق البدعة كما سلف. ثم لو لم يظهر الوجه في الجمع لكان متعيّنا حذرا من اطراح أحدهما رأسا ، أو الجمع بما لا تقتضيه اصول المذهب كما جمع به الشيخ ، والحمل على الجواز والاستحباب سالم عن ذلك وموجب لإعمال الجميع) (١) انتهى.
وفيه أن ذلك وإن أمكن في بعض الأخبار إلّا إنه لا يجري في جميعها ، مثل رواية المعلّى الدالة على أنه لا يقع ، فإنها صريحة في الإبطال رأسا ، ومثل صحيحة زرارة ، وصحيحة أبي بصير ، فإنّهما صريحتان في الابطال. ولكن العذر لمثل شيخنا المشار إليه في ذلك واضح ، حيث إنهم لم يتعرضوا لرواية المعلى ولا للصحيحتين المذكورتين.
الثالث : ما ذهب إليه المحدث الكاشاني في كتاب (الوافي) (٢) و (المفاتيح) (٣) من أنه إن كان غرضه من الرجعة أن يطلقها تطليقة اخرى حتى تبين منه ، فلا يتم مراجعتها ولا يصح طلاقها بعد الرجعة ، ولا يحسب من الثلاث حتى يمسّها ، وإن كان غرضه من الرجعة أن تكون في حبالته وله فيها حاجة ، ثم بدا له أن يطلّقها ،
__________________
(١) مسالك الأفهام ٩ : ١٤١ ـ ١٤٢.
(٢) الوافي ٢٣ : ١٠٤٦.
(٣) مفاتيح الشرائع ٢ : ٣٢٠ / المفتاح : ٧٨٤.