بقي هنا شيء ، وهو أن هذا الوجه وإن اجتمعت عليه أدلّة القول المشهور ، وهذه الروايات الثلاث التي ذكرناها في الاستدلال لابن أبي عقيل ، لكن يبقى الإشكال في كلامه قدسسره من وجهين :
أحدهما : من قوله : (فلا يتم مراجعتها) ، فإن فيه دلالة على أن المراجعة بدون النكاح بعدها إذا كان قصده مجرد البينونة لا يقع ، وهو موافق لما صرّح به غيره من الأصحاب ، كما قدمنا ذكره حيث أوردوا في الاستدلال صحيحة عبد الحميد الطائي ، ورواية أبي بصير وقد أوضحنا لك ، أنه لا دليل على عدم وقوع الرّجعة ، وإنما غاية ما يستفاد من الأخبار عدم صحة الطلاق (١). وحينئذ ، فتبقى بعد الرجعة على حكم الزوجية إذا طلّقها ضرارا بغير جماع.
وثانيهما : من جهة صحيحة أبي بصير التي هي معتمد ابن أبي عقيل ، وصريح عبارته كما قدّمنا بيانه ، فإنها لا تندرج تحت هذا التأويل ؛ حيث إنه عليهالسلام قد علّل فساد الطلاق الواقع على ذلك الوجه فيها بوجه آخر ، من كونه لم يقع في غير (٢) طهر الطلقة الاولى. وعلى هذا فيبقى الإشكال بحاله في المسألة ؛ لأن الظاهر أن معتمد ابن أبي عقيل في الاستدلال على ما ذهب إليه ، هو هذه الرواية كما أوضحناه آنفا ، وهي غير منطبقة على شيء من هذه الوجوه الثلاثة التي نقلناها في الجمع بين أخبار المسألة وما عداها من الأخبار ، وإن دل بحسب الظاهر على مذهب ابن أبي عقيل ، إلّا إنه لم يستند إليه في الاستدلال ولم يصرّح به. ومع هذا ، فإنه يمكن تطبيقه كما ذكرناه.
وأما هذه الصحيحة ، فهي صريحة في مدّعاه وغير قابلة لذلك ، مع كونها مشتملة على ما عرفت من إطلاق الطهر ، على خلاف ما هو المعهود من معناه في
__________________
(١) في «ح» بعدها : خاصة.
(٢) سقط في «ح».