يوصل إلى حدّ الجزم والقطع ؛ ولذا فإن (١) شيخنا ثقة الإسلام قدسسره في ديباجة كتابه (٢) (الكافي) (٣) بعد ذكره جملة من المرجّحات تخطى عنها إلى القول بالتخيير في العمل كما أوضحناه في الدرّة المشار إليها. ولهذا أيضا كان شيخنا المجلسي صاحب (البحار) طاب ثراه ـ لشدّة ورعه وتديّنه يدور في جلّ فتاويه مدار الاحتياط. وقد وقفت له على رسالة بالفارسيّة تتضمّن الجواب عن جملة من الأسئلة ، فلم أر فيها ما جزم (٤) بالحكم فيه إلّا أقل قليل ، بل وإن رجّح شيئا عقبه بالأمر بالاحتياط ، حتى إنه نقل لي عن بعض المعاصرين (٥) من متأخّري المتأخّرين أنه كان لذلك يطعن في كونه في عداد المجتهدين.
ومن ذلك أن دلالة الألفاظ ظنيّة ، وقيام الاحتمالات وشيوع المجازات ، بل غلبتها على الحقائق مما لا ينكره الممارس الحاذق ، ومن ذلك ما ورد عنهم عليهمالسلام أنهم كانوا يكلّمون الناس (٦) على قدر عقولهم (٧) ، وأنهم يجيبون عن الأسئلة على الزيادة والنقصان (٨) إلى غير ذلك مما سيظهر لك إن شاء الله تعالى في ضمن ما يأتي من الكلام.
الثاني : قوله : (والقرائن كثيرة ، من جملتها أن الحكيم) إلى آخره.
فيه أن من الجائز أنه ربّما اقتضت الحكمة والمصلحة خلاف ذلك ، كما ربما اقتضت ترك الجواب بالمرّة كما وردت به الأخبار الدالّة على أنه قد فرض عليكم السؤال (٩) ولم يفرض علينا الجواب ، بل ذلك إلينا إن شئنا أجبنا وإلّا
__________________
(١) في «ح» : أن.
(٢) في «ح» : كتاب.
(٣) الكافي ١ : ٨.
(٤) في «ح» : حكم.
(٥) من «ح» ، وفي «ق» : القاصرين.
(٦) سقط في «ح».
(٧) الكافي ١ : ٢٣ / ١٥.
(٨) بصائر الدرجات : ٣٣١ ـ ٣٣٢ / ب ١٠ ، ح ١ ـ ٩.
(٩) ترك الجواب بالمرّة .. السؤال ، سقط في «ح».