إن الأخبار كما عرفت في الدرة الموضوعة فيها تدفعه ، وجملة من علمائنا الاصوليين ، فضلا عن جملة أصحابنا الأخباريين ، قد منعوا من العمل بها. وما ادّعاه من أن الواجب هو (١) العمل بما قام عليه الدليل مسلم ، إلّا إنه بناء على عدم العمل (٢) بالبراءة الأصلية ، فالأدلة تتصادم وتتعارض على وجه لا يمكن الترجيح فيها ، وقد تتشابه فلا يكون الحكم ظاهرا منها ، وقد لا يوجد دليل على الحكم المطلوب بالكلية.
والأخبار قد استفاضت بالردّ إليهم عليهمالسلام في بعض الأحكام ، والوقوف كما تقدمت في درّة البراءة الأصلية ، والمستفاد من الأخبار كما قدّمناه في الدرة المشار إليها أن الله سبحانه كما تعبد بالعمل بالأمر والنهي في بعض الأحكام ، تعبد بالتوقف في بعض والعمل بالاحتياط ، فقوله : (إن الاحتياط ليس بدليل شرعي) على إطلاقه ممنوع.
نعم ، لو كان ذلك الاحتياط إنما نشأ من الوساوس الشيطانية والأوهام النفسانية كما يقع من بعض الناس المبتلين بالوسواس ، فهذا ليس باحتياط ، بل الظاهر من الأخبار تحريمه ؛ لما ورد عنه صلىاللهعليهوآله من قوله : «الوضوء بمدّ والغسل بصاع ، وسيأتي أقوام [بعدي] يستقلون ذلك ، فاولئك على غير سنتي ، والثابت على سنتي معي في حظيرة القدس» (٣).
__________________
(١) ليست في «ح».
(٢) من «ح».
(٣) الفقيه ١ : ٢٣ / ٧٠ ، وسائل الشيعة ١ : ٤٨٣ ، أبواب الوضوء ، ب ٥٠ ، ح ٦.