نعم ، هذا الإشكال موافق لما اختاره في ذينك الموضعين ، ولكنه وارد عليه في هذا الموضع ، حيث إن مقتضى ما اختاره ثمة الاكتفاء بغسل جزء من الثوب ، كما ذكره ولكن النصوص تدفعه ، وهو دليل على ما ادّعيناه وصريح فيما قلناه من القاعدة المقرّرة والضابطة المعتبرة ، وأن كلامه قدسسره ثمة مجرد استبعاد عقلي وخيال وهمي.
وثانيا : أنه متى كان يقين النجاسة هنا يرتفع بغسل جزء ممّا وقع فيه من الاشتباه ـ بمعنى (١) أنا لا نقطع حينئذ ببقاء النجاسة ؛ لجواز كونها في ذلك الجزء الذي قد غسل ـ فإنا نقول أيضا مثله في مسألة الإناءين : إنه بعد وقوع النجاسة في واحد منهما لا على التعيين ، فقد زال يقين الطهارة الحاصل أولا من كل ذينك الإناءين. وهكذا في الثوب والمكان المحصورين ، فإنه قد يتساوى (٢) احتمال الملاقاة وعدم الملاقاة في كل جزء جزء من تلك (٣) الأجزاء المشكوك فيها. وهذا القدر يكفي في زوال ذلك اليقين الحاصل قبل الملاقاة والخروج عن مقتضاه.
ورابعها : اللحم المختلط ذكيه بميّته ، فقد ذهب الأصحاب إلى تحريم الجميع من غير خلاف يعرف وعليه دلّت الأخبار ، ومنها حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه سئل عن رجل كانت له غنم وبقر ، وكان يدرك الذكي منها فيعزله ويعزل الميتة ، ثم إن الميتة والذكي اختلطا كيف يصنع؟ قال : «يبيعه ممّن يستحلّ الميتة ويأكل ثمنه» (٤).
__________________
(١) من «ح».
(٢) في «ح» : تساوي.
(٣) من «ح».
(٤) الكافي ٦ : ٢٦٠ / ٢ ، باب اختلاط الميتة بالذكي ، وسائل الشيعة ١٧ : ٩٩ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٧ ، ح ٢.