(الوسائل) عن كتاب (نوادر أحمد بن محمد بن عيسى) عن أبيه قال : إن رجلا أربى دهرا من الدهر ، فخرج قاصدا أبا جعفر عليهالسلام ـ يعني الجواد عليهالسلام ـ فقال : «مخرجك من كتاب الله ، يقول الله (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) ـ قال : ـ فما مضى فحلال وما بقي فليتحفظ» (١).
وحينئذ ، فالواجب الوقوف على ظاهر هذه الأخبار من تخصيص حل الحرام المختلط بالحلال بهذه الصورة ، لدلالة الآية والروايات على ذلك ، ومحل النزاع أعم ، فلا يجدي الاستدلال بهذه الأخبار نفعا للخصم. وأما عن رواية عبد الله بن سنان الواردة في الحيتان ، فنقول :
أولا : اعلم أنه قد اختلف الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ في السمك المختلط حيّه بميته في الحضيرة والشبكة بعد اتّفاقهم على أن ما مات من السمك في الماء في غير الشبكة فهو حرام ؛ فذهب جمع من الأصحاب إلى حل الجميع مع عدم التمييز (٢) ، وربما قيل بالحل أيضا وإن تميّز (٣). والمشهور بينهم البناء في ذلك على قاعدة المحصور وغير المحصور ممّا قدّمنا ذكره ، وهذا من المحصور ، فيحرم جميعه مع عدم التميّز ، وإن تميز اختص التحريم به.
والذي وقفت عليه من الأخبار في هذه المسألة رواية عبد الله بن سنان المتقدّمة ، وصحيحة الحلبي عنه عليهالسلام قال : سألته عن الحضيرة من القصب تجعل في الماء يدخل فيها الحيتان ، فيموت بعضها فيها ، قال : «لا بأس به ، إن تلك الحضيرة إنما جعلت ليصاد بها» (٤).
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٨ : ١٣١ ، أبواب الربا ، ب ٥ ، ج ١٠.
(٢) انظر : النهاية : ٥٧٨ ، شرائع الإسلام ٣ : ١٦٣ ، المهذب ٢ : ٤٣٨.
(٣) وهو المنقول عن ابن أبي عقيل ، انظر الدروس ٢ : ٤٠٩.
(٤) تهذيب الأحكام ٩ : ١٢ / ٤٣ ، وسائل الشيعة ٢٤ : ٨٤ ، أبواب الذبائح ، ب ٣٥ ، ح ٣.