وثانيها : القول بالحلّ مع الاشتباه ، وهو وإن وافق ما ذهب إليه في المسألة إلّا إنه خاصّ بالسمك في الشبكة ، فلا يتعدّى إلى غيره ، والمدّعى أعمّ من ذلك.
وثالثها : ردّ هذه الأخبار كما هو القول المشهور ، وربما حمل بعضهم الأخبار المذكورة على التقية ، والأمر حينئذ أظهر من أن ينكر.
وأما عن موثقة حنان بن سدير (١) الواردة في الجدي الذي رضع من خنزير ، فإن ظاهر تنظيره عليهالسلام لما لا يعرف من نسل ذلك الفحل بالجبن يدلّ على أن وجود نسله غير متحقّق ولا معلوم في جملة الغنم ، لاحتمال أنه سرق أو ضلّ أو ذبح أو بيع أو نحو ذلك. فغاية الأمر أنه يحصل الاشتباه دون تحقق الوقوع كما هو محل النزاع بالنسبة إلى المحصور ، وذلك فإن الجبن ـ كما عرفت من الأخبار المتقدمة ـ قد كثر السؤال عنه وصار مشهورا في ذلك الوقت ، باعتبار أنه ربما يعمل بالإنفحة المأخوذة من الميتة ، فيصير نجسا بذلك وحراما.
والأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ قد أجابوا عن ذلك بالعمل فيه على أصالة المحلّ حتى يعلم الفرد الذي عمل بالميتة. ومن ذلك رواية أبي الجارود المروية في (المحاسن) قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الجبن ، وقال : أخبرني من رأى أنه يجعل فيه الميتة ، فقال : «أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم جميع ما في الأرض؟ فما علمت منه ميتة فلا تأكله ، وما لم تعلم فاشتر وبع وكل. والله إني لأعترض السوق فأشتري بها اللحم والسمن والجبن والله ما أظن كلّهم يسمون ، هذه البربر وهذه السودان» (٢).
وحينئذ ، فالتنظير بالجبن لكونه معلوما يومئذ على الوجه الذي ذكرنا يدل
__________________
(١) الكافي ٦ : ٢٤٩ / ١ ، باب الحمل والجدي يرضعان من لبن الخنزيرة ، وسائل الشيعة ٢٤ : ١٦١ ، أبواب الأطعمة المحرّمة ، ب ٢٥ ، ح ١.
(٢) المحاسن ٢ : ٢٩٦ / ١٩٧٦.